لم أظن يومًا أن الغيرة يمكن أن تزهر من وراء ستار الموت،
لكن هناك، وسط الزهور والألحان المهيبة، شعرت بها تتسلل إليّ كعدو قديم،
تلك الغيرة الصامتة، التي لم أعرف أن قلبي قادر على استدعائها.
الجنازة كانت كعرضٍ مسرحي بديع،
كل شيء مرتب، كل دمعة محسوبة،
كل نظرة تتجه نحوه وكأنه لم يرحل بعد،
وكل الأجساد تنحني احترامًا، وكأن الأرض نفسها تخفض رأسها له.
الناس يترحمون عليه، يرفعون أيديهم بالدعاء،
وأنا… شعرت بغصةٍ غريبة،
ليست حزني عليه، بل لأنها تمنح الآخرين لحظات أنا حلمت بها يومًا.
كنت أغبط الموت على ما أعطاه له من هيبة،
وأغبط الناس على فرصة رؤية ذلك الحضور الذي لم أتمكن من أن أحتله في حياته،
على كلمة أخيرة لم أنطق بها،
وعلى ابتسامة لم تُعطَ لي.
الغضب لم يكن تجاهه،
ولا تجاه العالم… بل تجاه نفسي،
لأنني لم أستطع أن أكون جزءًا من تلك الهيبة التي احتلتها جنازته،
لم أترك أثرًا، حتى بعد رحيله.
وغادرت الحفل وأنا أحمل شعورًا غريبًا:
غيرة من الموت نفسه،
الذي جعل كل شيء يبدو أبهى،
وأنا كنت هناك، حيًا،
لكن بلا مكان في المشهد الأخير.
تعليقات
إرسال تعليق