الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر
في المشهد الفني العربي، حيث تتلاقى الأصوات العذبة مع الكلمات الممهورة بالشغف، يطلّ علينا هذا الصيف حدث موسيقي استثنائي يجمع بين شاعر يعرف كيف يحوّل الحروف إلى مشاعر، وفنانة تملك القدرة على ترجمة تلك المشاعر إلى أداء يلامس القلوب، إنّه التعاون المميز بين الشاعر محمود سليم والنجمة رنا سماحة، الذي أشعل مواقع التواصل الاجتماعي قبل حتى أن يرى العمل النور، ليتحوّل بسرعة إلى تريند عالمي يردده عشاق الفن من المحيط إلى الخليج. فمنذ اللحظة التي كشفت فيها رنا عن تفاصيل ألبومها الجديد "مهري حياة"، حتى انهالت التعليقات المليئة بالحماس، وتصدّر اسمها قوائم البحث في مشهد يؤكد أنّنا أمام عمل لن يمر مرور الكرام.
الألبوم الذي تستعد رنا سماحة لطرحه خلال موسم الصيف، يتضمن ثلاثة أعمال غنائية كتب كلماتها الشاعر محمود سليم، وهي "مهري حياة" التي تحمل اسم الألبوم وتشكل العنوان العريض لمشروع فني متكامل، و"هختار حبه" التي تمزج بين الرومانسية والقرار الواعي في الحب، و"مش أصول" التي تحمل رسالة جريئة عن المواقف الإنسانية والعاطفية، بأسلوب سلس ولغة تصل إلى المستمعين بسهولة، مع الحفاظ على العمق الفني الذي يميز أعماله. هذا التنوع في المواضيع يعكس قدرة الشاعر على التحليق بين أكثر من حالة شعورية، وعلى اختيار العبارات التي تظل عالقة في الذاكرة بعد انتهاء الأغنية.
ومن جانبها، استطاعت رنا سماحة أن تضيف بصمتها الخاصة على هذه الكلمات، من خلال إحساسها العالي وقدرتها على المزج بين الأداء الطربي الخالص واللمسة العصرية التي تتناسب مع ذائقة جمهور اليوم، فجاءت الأغاني الثلاثة كلوحة متكاملة الألوان، لكل منها ملامحها الخاصة، لكنها تتوحد جميعاً في الروح التي تجمع بين رقي الكلمة وقوة اللحن وجاذبية الصوت. ويبدو أنّ هذا التعاون ليس وليد الصدفة، بل هو نتيجة انسجام فني وشخصي بين الشاعر والفنانة، ما جعل النتيجة النهائية أقرب إلى حوار صادق بين صوت وقلم، وبين مشاعر تُكتب وأخرى تُغنّى.
المثير أنّ هذه الأغاني لم تُطرح بعد بشكل رسمي، ورغم ذلك تحوّلت أخبار الألبوم ومقتطفات العناوين والصور إلى مادة دسمة للحديث على مختلف المنصات، حيث عبّر الجمهور عن تشوّقه لسماعها، وتداولوا الوسوم المتعلقة برنا سماحة ومحمود سليم بشكل واسع، حتى أصبحت بين الأعلى تداولاً عالميًا. هذه الظاهرة تعكس حجم التفاعل المسبق الذي أصبح عنصراً أساسياً في نجاح أي عمل فني، كما تعطي مؤشرًا قويًا على أن الألبوم سيحقق انتشارًا واسعًا بمجرد طرحه، خاصة مع الدعم الجماهيري الهائل الذي يحظى به الطرفان.
ولأنّ الصيف هو موسم البهجة والإيقاعات النابضة بالحياة، يبدو أنّ هذا التعاون بين محمود سليم ورنا سماحة جاء في التوقيت المثالي، ليكون بمثابة جرعة فنية منعشة تحمل معها مزيجًا من الرومانسية والطاقة الإيجابية، وتقدّم للجمهور تجربة غنائية متكاملة. وإذا كانت الأغاني قد نجحت في إشعال التريند وهي لا تزال حبيسة الاستوديو، فما بالك بما سيحدث حين تُطرح رسميًا وتصل إلى المسامع عبر الإذاعات والمنصات الرقمية والحفلات الحية؟ من المؤكد أنّنا سنكون أمام موجة فنية كبيرة ستترك بصمتها على صيف هذا العام.
تعليقات
إرسال تعليق