بقلمي الأديبة والمفكرة الدكتورة حكيمة جعدوني
أما آن للغربة أن تنجلي؟!
أما آن للظلم أن يذاد بسيوف تقطر من نجيع المعتدين؟!
إن القصاص سنة الله في خلقه، فما قتل حر إلا وجب أن يؤخذ بثأره، وما سفك دم في أرض القدس المباركة إلا وارتجت له السماوات والأرضون.
فكيف بكم ترون الغزاة الصهاينة الدخلاء الغرباء قد اغتصبوا أرضا ليست لهم، واستوطنوا ديارا لا حسب لهم فيها ولا نسب، ولا حق لهم فيها ولا قرار؟!
فماذا لو قرر المسلمون الانتقام من الصهاينة اليهود على أراضيهم ردا على قتل الفلسطينيين على أرض السلام المباركة، ألا إن العدالة آتية،
فهل تكون هذه بداية بشائر انبلاج عدالة الإمام الموعود وإشارة على ظهور ؟! سليل بيت النبوة، الذي وعدت به الأمم قاطبة؛ رجل يزيل صروح الجور، ويقوض بنيان الطغيان. لا يقيم الانتقام تشفيا، بل يرفع راية القسط والعدل، فلا يظلم بريء، ولا يفلت ظالم من العقاب.
فهو الذي يخرج وسيف العدل في يمينه، والقرآن في شماله، فيملأ الأرض نورا بعد أن لبست ثوب الظلام، ويزرع فيها الرحمة والبركات كما قال الله في القرآن الكريم" رحمت الله وبركاته عليكم أهل البيت، إنه حميد مجيد."
فصبرا جميلا، فإن يوم الله قادم، يوم تكسر فيه شوكة الصهاينة، ويرد الحق إلى أهله، ويقوم الرجال من مرابض الذل كالأسود الضواري، فلا يبقى للظالمين إلا صغار وعار، وللمؤمنين نصر وظفر وقرار، فيا معشر المسلمين، يا سلالة سيوف الحق وأبناء إسماعيل،
إلى متى تطأطئون الرؤوس والخناجر في أغمادها صدئة؟
إلى متى يذبح الحر على ثرى فلسطين، وأنتم كالأصنام في الأسواق لا تنبسون ببنت شفة؟!
لقد أبانت وقائع الدهر أن فيكم جبنا يكسو القلوب كساء من ليل بهيم، وأن الموت وهو زاد الأبطال قد صار في أعينكم هولا يزلزل الأقدام.
فما للأرحام التي أنجبت عليا وحمزة وعمر وعنترة وسيف بن ذي يزن، صارت اليوم عاقرا لا تلد فارسا يطأ الأرض كزلزال، ولا تنجب أسدا يزمجر في ساحات القتال؟!
ألا وإنها الحقيقة الموجعة كحد الحسام ما بقي في هذا الزمان رجال تصهل الخيل تحت سنابكهم، ولا فرسان تشرع لهم أبواب الهيجاء كما تفتح للغيث أبواب السحاب.
لقد كشفت الوقائع أن الأعراب قد ألقوا بأيديهم إلى الوهن، وأظهروا جبنا أضل من نعاج شاردة، يفرون من صليل السيوف ووقع الرصاص كما يفر الغزال من فحولة الليوث.
أمة بأكملها رهنت أمرها بخوف من الردى، فغدت كالجسد بلا روح، عاجزة عن نصرة مظلوم أو ردع باغ أثيم.
فلا دواء لهم إلا أن يساقوا إلى الذل سوق الإبل العطاش، ويطوقوا بالعار طوقا من حديد، علهم يعرفون من مرارة العبيد والأسر ما يعلمهم الرجولة، ويوقظ في صدورهم معنى الشرف والمروءة.
اعلموا! إن الصهاينة غرباء في هذه الأرض، لا شجر لهم فيها ولا حجر، أوطانهم وراء البحار، في مغارب الشمس روسيا وأمريكا وأوروبا، تنتظرهم ليعودوا إليها محملين بالهزيمة والعار.
عودوا سادة لا تغلب، ورجالا لا يهابون الردى، عودوا والقرآن في يمينكم والسيف في يساركم، تقتحمون المضائق كما اقتحم آباؤكم الأسوار، وتكتبون بدمائكم سفرا جديدا من السيادة والعزة والكرامة.
فالموت في ساحات الحرب حياة، والذل في مقاعد القعود فناء.
ألا هبوا فقد ضاقت صدور القبائل أما آن أن تمحى سطور الرذائل؟
أما آن أن تسترجع الأرض عزة وتسقى ثراها من دماء البطائل؟
تخاذلتم حتى غدا السيف عاطلا، كأن لم يكن بالأمس ماضي الصقائل
أجدودكم كانوا الجبال صلابة، فما بالكم صرتم هشيمًا كبائل؟
بنو يعرب! هل أجدبت رحماتكم فما أنجبت حرا يروع قاتلي؟
أفيقوا! فإن القوم ضيف بداركم غرباء، لا أهل بها، لا عقارل
لهم أرضهم خلف البحار بعيدة فعودوا لها بالسيف صغرا وباطل
فإما حياة بالعلا تورثونها وإما ممات في السيوف نوافل
«أما سمعتم قول الله في كتابه المبين؟! النفس بالنفس، والعين بالعين، والجروح قصاص.
فلا دواء إلا، كما أراقوا دماء الأبرياء في أرض المسجد الأقصى المبارك، فلتراق دماء أبريائهم في أراضيكم، ولن تحتاجوا بابا ولا معبرا يفتح.
وكما هدموا بيوت المهجرين وأحرقوها عمدا، فلتُحرق بيوتهم وتخرب ديارهم في أرضكم.
وكما نهبوا أموال قومكم وجوعوهم، ولم يرقبوا فيهم صراخ رضيع ولا أنين أم ثكلى، فليكن الأمر بالمثل عليهم... فما العدل إلا مقابلة الفعل بمثله، والظلم لا يجبر إلا بقطع دابره!
(تنفيذ القصاص، وعلى مدى واسع عظيم).
فاجمعوا أعداد الشهداء والمظلومين، منذ عام ثمانية وأربعين إلى عام خمسة وعشرين بعد الألفين، واحصوا الأرواح المزهوقة والبيوت المسلوبة والأموال المنهوبة، ثم قسموها بالسوية بين جنود العرب والمسلمين قاطبة.
وكل صهيويهودي مقيم بين ظهرانيكم يكون فداء لنفوس إخوانكم في الأرض المقدسة، وعدلا لدمائهم الزكية.
وكما فعلوا مداهمات مباغتة، واعتقالات بالعشرات بل بالمئات، افعلوا ذلك بلا هوادة في ساعة واحدة، وفي كل ربوع الوطن العربي، إضراب عام على كل الأصعدة والدخول في فترة إعادة ضبط للحكومات الخائنة وإفراغ السجون لتحرير العلماء والثوار وأصحاب الفكر والأرض وأهل كلمة الحق الذين على أيادهم تعاد القوة والتحكم بزمام الأمور، على غرار خنوع تلك الحكومات الفاشلة التابعة الجاهلة المقادة والمستعبدة،
اجعلوا القوانين والمحاكم تصدر الحكم بالتهجير، بالتجويع، الاستيطان، مصادرة الأرض، طرد السكان، الضرب، السفك، التعذيب بالقسوة والموت، القصف، الظلم بلا استئناف ولا شفاعة.
تقتحم دورهم بالقوة، وتركَل أبوابهم ركلا، ويجلى ساكنوها بغير مهلة ولا فرصة ضئيلة، وتدفن موتاهم في قبور جماعية وتداس تحت العجلات وتسحق بالدبابات، وتخرب بنيتهم التحتية ومنشآتهم وتحرق ديارهم، وتنهب خزائنهم، وتجمّد أموالهم، حتى تعود في النهاية ميراثا لمن بقي ثابتا على أرض النبوة.
فالفعل يجابه بمثله، واليد التي بطشت تبطش بها، والسيف الذي سل عليكم يسل على رقابهم!
ألا إن العدالة ليست زينة في كتاب ينبذ، ولا حروفا تتلى ثم تركن على الرفوف، بل هي فعل صراح، وقضاء صارم، وحكم الله لا يستدر بالرجاء ولا يستجدى من الخانعين.
إن سقط شهيد في الأرض المغتصبة، فليسقط أخو الغازي في أرضكم. وإن سجن حر، فلتسجن نساؤهم وتغتصب ورجالهم. وإن حرقت أجساد أولادكم أو سلخت وسرقت أعضاؤهم، فليحرقوا وليشردوا بالمثل.
فأين أنتم من حكم الله؟! وأين أنتم من القصاص الذي به تقام السماوات والأرض؟! ألا فاعلموا أن الحق لا يستجدى، وأن العدل لا يرجى من الخنازير الصامتين على الباطل... إنما العدل يؤخذ أخذا، والقصاص ينفذ تنفيذا، وما ضاع حق وراءه مطالب!»
تعليقات
إرسال تعليق