القائمة الرئيسية

الصفحات

هنا نابل  
بقلم: المعز غني  


هنا نابل ، الأرض التي تحتضن البحر والشمس ، وتغتسل يوميًا بضوء الفجر وأحلام ساكنيها. 
نابل هي قصيدة مفتوحة على مصراعيها ، تنسجها الأيام والليالي ، وتزينها الضحكات المنبعثة من قلوب ناسها ، أولئك الذين تآلفوا مع الملوحة والعطر الطالع من بساتين البرتقال وعبق الفيروز في حنايا شواطئها .  

عندما أتكلم عن نابل ، فإنني لا أستحضر فقط صورة المدينة ، بل أستحضر روحها التي تجوب الأزقة ، وتتنقل بين المقاهي العريقة ، وتتسلل في همسات النساء وصرخات الصغار في ساحاتها الرحبة. نابل المدينة التي أستحقت عن جدارة لقب عاصمة الوطن القبلي ، ليس فقط بما لها من تاريخ أو طبيعة فاتنة ، بل بما تمتلكه من سحر إنساني وثراء ثقافي يجعلها مدينة ولادة للأحلام ، وحاضنة للإبداع.

ولعلّ مهرجان نابل الدولي في دورته السابعة والثلاثين لهذه السنة 2025 ، لم يكن إلا دليلا ساطعا على هذه الروح الاستثنائية. هذا المهرجان الذي وُلد كبيرًا منذ إنبعاثه ، كان ولا يزال مرآة تعكس نبض المدينة ، ونافذة مفتوحة على عوالم الفن والإبداع. 
إن حضور هذا الجمع الغفير الذي أفيضت به مدرجات مدينة نابل لمشاهدة العروض الباذخة ، ليشعر الإنسان بفخر عظيم لانتمائه لهذا المكان .

لا يسعني هنا إلا أن أتقدم بأسمى عبارات الشكر والامتنان إلى كافة المشرفين على هذا الموعد السنوي الاستثنائي ، هؤلاء الجنود المجهولون الذين يقفون وراء الكواليس ، في صمت وتفانٍ ، يسهرون الليالي من أجل أن يحيا المهرجان وينمو ويزهر.
 شكرا لكل من حمل على كتفيه عبء التنظيم ، ولكل من ساهم بجهده ووقته من أعوان الأمن والحماية المدنية الذين أحاطوا رواد المهرجان بحلقات من الطمأنينة ، فصار الدخول والخروج عملية سلسة يسودها إحترام متبادل ، وحضور بهيج لا يعكره سوء تنظيم أو اختلال .

شكرا منتصر قاسم ( رئيس جمعية تنشيط المهرجانات بنابل)، الذي جسّد مثال المسؤولية بهدوئه وحرصه.
 شكرا الطيب بلغيث ( مدير المهرجان الدولي بنابل ) ، الذي سار في الميدان كالعصفور الماهر لا يغفل عن أدق التفاصيل.
 شكرا الحاج جلال الدين القدي( امين المال ) ، الرجل الذي جمع بين الهيبة والبشاشة ، فلا ترى في عينيه إلا الطمأنينة والمتابعة الدقيقة. 
شكرا أيضًا لكل عامل وإداري ، لكل يد مدت لتزرع الفرح ، ولكل نبض ساهم في رسم البسمة على وجوه الأطفال والكبار.

إن مهرجان نابل ليس مجرد تظاهرة عابرة أو إحتفال موسمي ، وإنما هو تعبير عن تعلق المدينة بالحياة ، وإحتفاء بالجمال الكامن في تفاصيلها الصغيرة.
 إنه لقاء سنوي يجدد فيه أهل نابل عهدهم مع الشغف والثقافة والانفتاح على الآخر ، ويعيدون إلى ذاكرتهم رمزية المكان : نابل التي لا تموت مهما عبرت بها السنوات ، نابل التي تقاوم النسيان وتزهر كل صيف .

شكرًا لكم جميعًا ، أيها الساهرون على إنجاح هذا الحدث الثقافي ، أنتم الذين تثبتون في كل مرة أن نابل أكبر من مجرد مدينة ؛ إنها روح تتحرك في جسد الوطن القبلي كله ، تمد جذورها في التاريخ وتفتح أذرعها نحو المستقبل .  
هنا نابل ، حيث تبدأ القصة ولا تنتهي …

تعليقات