القائمة الرئيسية

الصفحات

ندوة أمير الغناء العربي على ركح مسرح الهواء الطلق بنابل صابر الرباعي ... حديث القلب والعقل

هنا نابل ✍️ بقلم المعز غني

في مدينة نابل ، وبين أحضان مهرجانها الدولي في دورته السابعة والثلاثين ، وعلى ركح مسرح الهواء الطلق ، لم يكن اللقاء تقليديًا ... بل لقاء روح بفنّ ، وعقل بحكمة ، ووجدان بذاكرة من الألحان الخالدة .

في ندوة صحفية طال إنتظارها ، تحدّث الفنان التونسي القدير ، إبن الخضراء ، الفنان المبدع صابر الرباعي ، أمير الغناء العربي ، بلغة مختلفة ... لغة النضج والتأمل في مسيرة تجاوزت ثلاثة العقود ، فكانت كلماته مرآة لفنّه ، ورسالته ، وموقفه من الحياة.

أكد صابر الرباعي خلال الندوة الصحفية التى التأمت أثر العرض الفني الحدث على ركح مسرح الهواء الطلق بنابل وضمن فعاليات مهرجان نابل الدولي في دورته السابعة والثلاثين بحضور مختلف الوسائل الإعلامية المقرؤة والمسموعة والمرئية إلى جانب الصحافة الرقمية، أنّ العروض القادمة التي سيقدّمها للجمهور العزيز ستكون مختلفة عن سابقاتها ، مشيرًا في ذات الوقت إلى أنه لا يستطيع إدخال تغييرات جذرية ، لأن الجمهور -كما قال- يتمسّك بسماع أغانٍ بعينها ، أصبحت جزءًا من ذاكرته الجماعية. وهو ما يُحيلنا إلى فكرة الوفاء المتبادل بين الفنان وجمهوره ، ذلك العقد غير المكتوب ، الذي يربط الروح باللحن ، والحضور بالإحساس.

راجع الرباعي مسيرته الفنية "مرّة أو مرّتين" – على حد تعبيره – لكن يبدو أنّ الأيام القادمة تحمل في طيّاتها مراجعة جديدة ، ربما أكثر عمقًا. 
هو لا يردّ على ما يُقال عنه ، لأنّه ببساطة لا يملك الوقت لذلك … فالفنان الحقيقي ، كما أشار يركّز طاقته في الإبداع ، لا في الردود والانزلاق في مستنقعات السجالات العقيمة .

"أنا لا أعادي ولا أجامل"، هكذا قالها صابر بنبرة واضحة... "لا أحب الخلافات وأتجنبها لأننا في مجال صعب"، تصريح يلخّص فلسفته المهنية ، القائمة على الحياد الإيجابي ، والابتعاد عن "المناطق المظلمة" التي – كما قال – لا تفيد لا الفنان ولا جمهوره.

ولأن للفن كُلفته ، فقد أعترف أمير الغناء العربي بأنّ الفن منحه حبّ الناس ، وهو مكسب لا يُقدّر بثمن ، لكنه – في المقابل – سلبه شيئًا أثمن: حريته. قالها بحرقة: "الفنان لديه حدود لا يمكنه تجاوزها، حريته ناقصة، ولا يمكنه أن يعبّر عن رأيه كما يريد". كلمات صادقة تحمل وجعًا يعرفه فقط من عاش هذا العالم من الداخل.

وعندما سُئل عن النجاح الذي حققته أغنيته الأسطورية "سيدي منصور", أبتسم كأنّه يستعيد مجدًا لا يُنسى ، قائلا: "هذه الأغنية اقترنت بي، وأكتسحت العالم ، وعرّفت " بالأغنية التونسية "، مؤكّدًا أنها أغنية لا يمكن لأي عمل آخر أن يحلّ محلّها، لأنها – ببساطة – تحمل "سرّا لا يعرفه أحد".

أما لما توجّهت له بسؤالي المتمثل في توجيه رسالة للجمهور النابلي وبالخصوص لسلطة الإشراف بنابل بخصوص توسعة مسرح الهواء الطلق بنابل والجمهور النابلي في حاجة ملحة إلى مسرح يستقطب أعداد أكبر من الجمهور ( 4000 أو 5000 متفرج ) ، كان رده إن مدينة نابل في حاجة ملحة إلى مسرح يستقطب أعداد أكبر من الجمهور مثل مسرح الهواء الطلق ببنزرت أو الحمامات أو صفاقس لأن الجمهور النابلي محرحر بطبعه وذواق للفن الراقي وأنا تحت أمركم عندما تطلبوني أكون بينكم بكل سرور .

في نهاية اللقاء ، لم يكن صابر الرباعي نجمًا يعتلي المنصة فحسب ، بل كان إنسانًا يتحدث بتجربة وصدق ، فنانًا يرى في الفن رسالة ومسؤولية ، لا شهرة فحسب. 
ندوته كانت درسًا في التواضع والوفاء ، وفي الوقت ذاته صرخة نبيلة في وجه العبث والادّعاء.

في نابل عاصمة الوطن القبلي وقبلة العشاق ، كان صابر الرباعي أكثر من فنان ... كان مرآةً للوجدان التونسي ، صوتًا من لا صوت له ، ذاكرة وطن ونبض شعب ، وكلّ كلمة قالها كانت نغمةً جديدة في سمفونية الفن الصادق.
فتحية إكبار وإجلال لهذا الفنان التونسي الأصيل ذو الأخلاق العالية والتواضع الذي لا حدود له. 

تعليقات