القائمة الرئيسية

الصفحات

عزيزه حسين تكتب:مشهد محافظ المنيا.. قيادة أم استعراض؟


بعد واقعة توبيخ محافظ المنيا لمدير مدرسة “أشروبه” ببني مزار أمام العاملين خرج المحافظ معتذراً للقائمين على العملية التعليمية مؤكداً أن ما فعله كان “من أجل الصالح العام”. لكن الأثر النفسي على مدير المدرسة كان أعمق مما يتصوره إذ فكر الرجل في الاستقالة وهو ما يعيد للأذهان حادثة محافظة المنوفية حين تعرض مدير إدارة تعليمية لعنف لفظي انتهى بأزمة قلبية أودت بحياته.


السؤال الذي يطرح نفسه: هل القيادة تعني رفع الصوت والإهانة أمام الكاميرات أم تعني التوجيه والاستماع وتقديم الحلول؟

مشهد محافظ المنيا بدا أقرب إلى الاستعراض خاصة بعدما تبين أن المدرسة كانت نظيفة ولم يجد المحافظ ما ينتقده فانتقل إلى ملاحظة مكتب المدير.

وهنا يبرز سؤال آخر: لو كان مكتب المدير غير منظم هل كان يستدعي الأمر توبيخاً علنياً؟ وهل المطلوب أن يكون مكتب المدير – أعزكم الله – في الحمامات ليحظى برضا المسؤول؟

إن القيادة الحقيقية ليست في فرض الهيبة بالصوت العالي بل في صناعة الاحترام بالقدوة والاستماع للآخرين وحل المشكلات بروح الفريق. إهانة القيادات الوسطى في التعليم تهدم ما تبنيه الدولة من منظومة إصلاح وتزرع الإحباط في نفوس من يقفون في الصف الأول لخدمة الطلاب.


إذا كان المحافظ قد برر فعلته بالصالح العام فإن الصالح العام نفسه يقتضي أن يزور المدرسة مرة أخرى ويقدم اعتذاراً علنياً لمديرها حتى يرد له اعتباره ويثبت أن كرامة المعلم والكرامة الإنسانية فوق أي منصب.

فالاعتذار ليس ضعفاً بل هو قمة القوة ورسالة بأن المنصب لا يمنح صاحبه حق التجاوز بل يلزمه بمزيد من التواضع والاحترام.


ختاماً من حقنا أن نرى قياداتنا تعبر عن سلطتها بالعمل والاجتهاد والعدل والحكمة لا بالاستعراض والانفعال. فالمدارس ليست ساحات للانتصارات الشخصية بل هي مصانع للعقول والأجيال ومن يدخلها يجب أن يخرج منها بالكلمة الطيبة لا بالجرح النفسي.

تعليقات