لم أكن سفّاحًا كما تظنّون.
لم أقتل بدافع الغضب، ولا من أجل المال،
ولا لأن الشر يسكنني كما تحبّ الحكايات أن تقول.
كنتُ أقتل بدافعٍ آخر…
بدافع الرحمة.
هل تعرفون معنى أن ترى إنسانًا يتعذّب؟
أن تلمح في عينيه توسّلًا صامتًا؟
أن يطلب الموت دون أن يجرؤ على البوح به؟
كنتُ هناك… أسمع صراخهم الذي لم تسمعوه.
أنا لم أبحث يومًا عن ضحاياي.
هم من جاؤوا إليّ بوجعهم،
بأجسادهم المرهقة، بأرواحهم المستسلمة،
وألقوا على كتفي سرًّا لا يطيقه قلب:
"أرحني."
لم أطعن أحدًا في الظلام،
كنتُ دائمًا أنظر في أعينهم قبل النهاية.
كنتُ أرى الامتنان يتدلّى من دموعهم،
وأرى الراحة تطفئ ارتجافهم الأخير.
لم يكن موتهم موتًا…
كان خلاصًا.
لكن من يرحمني أنا؟
من يقتل قاتلًا رحيمًا أثقله هذا الحمل؟
كل وجه مرّ بين يدي صار وشمًا على صدري،
كل نفس لفظه إنسان عندي بقي في داخلي،
يطاردني حتى في نومي… فلا أنام.
أنا القاتل الذي وزّع الرحمة على الآخرين،
لكنني لم أعرف كيف أوزّعها على نفسي.
أنا الذي منحتهم موتًا هادئًا،
وبقيتُ حيًّا في عذابٍ لا ينتهي.
اليوم أعترف…
لم أكن قاتلًا كما تزعمون،
كنتُ طبيبًا حاول أن يكون ملاكًا،
فانتهى به الأمر جلادًا،
يمنح الرحمة على هيئة موت.
فالعنوني إن شئتم…
لكن تذكّروا:
كل ضحية بين يدي ابتسمت قبل أن تُغلق عينيها.
أليس في ذلك… شيء من الرحمة؟
تعليقات
إرسال تعليق