القائمة الرئيسية

الصفحات

لغز اليوم.. من هو هذا الرجل الذي لا يحتاج إلى بريق ليصير مشهدًا؟



الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر


اللغز الأول من هو الفنان الذي لا يُخطئه الضوء؟ من هو الذي إذا مشى في النهار، التفتت له الكاميرا… حتى لو لم يكن يصوّر؟ من هو الذي يجعل من "التيشيرت الرياضي" مشهدًا رمزيًا في فيلم لم يُعرض بعد؟ من الذي لا يحتاج إلى مهرجان أو سجادة حمراء… لتُقال عنه المقالات؟


الإجابة: إنه دياب، الرجل الذي كلما ظهر، انبعثت حوله هالة من "الصمت المُلفت". صورة واحدة فقط، لا يتكلم فيها، لا يضحك فيها، لا يستعرض، ولا يستجدي الضوء… ومع ذلك، تشعر أنك ترى شيئًا جديدًا، شيئًا له حضور، شيئًا لا يمر. القميص الرياضي الأخضر من "Adidas"، بسيط الشكل لكنه غني بالرسائل. الأخضر في لغته ليس مجرد لون، بل هو توقيت داخلي، إشارة على أن "الطاقة في أقصى مستوياتها"، وأن هذا الرجل في كامل لياقته الفنية والذهنية. لكن الأغرب من ذلك… أن اختيار دياب لهذه الإطلالة لم يكن صدفة. هل تعتقد أن نجمًا مثله لا يدرك أنه حين يلتقط صورة كهذه، ستكون تحت المجهر؟ إنه يعرف. ويعرف تمامًا أن البساطة أحيانًا… هي القنبلة.


اللغز الثاني من هو الذي لا يلتقط الصور لنفسه… بل يتركها لتلتقطنا؟ من هو الفنان الذي لا يقول شيئًا، لكنه يُجبرك أن تكتب عنه آلاف الكلمات؟ من هو الذي يمكن أن يقف أمام شجرة، في حافة طريق، ومع ذلك يبدو وكأنه يستعد لمشهد تمثيلي في دراما الموسم؟


الإجابة: دياب مرة أخرى. هذا الفنان الذي يُجيد كل أدواره خارج المسرح أيضًا. فهو لا يمثل فقط على الشاشة… بل يعيش أداءه اليومي كممثل بالفطرة. انظر إلى الخلفية: نباتات، ظل، طقس مشمس، وهدوء لافت. ثم انظر إلى ملامحه: لا انفعال، لا مبالغة، لا تصنّع… لكنها كلها نبرة من نبرات الشخصية. الصورة هنا ليست “سيلفي”… بل هي لقطة مفتوحة التفسير. كل عنصر فيها يبدو أنه عادي، لكنه ليس كذلك. كل ما فيها بسيط، لكنه محكوم. كل ما يظهر أمامك قد مرّ عبر عدسة رجل يعرف تمامًا ماذا يقول… حين لا يقول شيئًا.


اللغز الثالث من هو الفنان الذي لم يتكلّم… ومع ذلك سمعت صوته؟ من هو الذي لم يبتسم… ومع ذلك شعرنا بدفء حضوره؟ من هو الذي لم يُصرّح بأي شيء… ومع ذلك فهم الجمهور كل شيء؟


هي تلك النظرة. نظرة دياب خلف نظارته الشمسية. لم تكن عشوائية. لم تكن نظرة مصادفة أو عابرة. بل كانت النظرة التي تقول: "أنا لا أحتاج إلى حديث كي أفهمك، ولا أحتاج إلى موقف كي أذكّرك من أكون". نظرة فيها قوة وثقة… لكنها ليست استعلاءً. نظرة فيها رجولة… لكنها ليست صدامية. نظرة فيها شيء من الغموض… وشيء من التحدي… وشيء من الراحة الداخلية. هو ذلك النوع من النجوم الذين لا يعرضون أنفسهم، بل يُتيحون للناس أن يروهم على طريقتهم. كل واحد فينا سيفهم هذه الصورة بطريقته. والكل سيحتفظ بها. لكن لا أحد يمكنه أن يفسرها بالكامل… إلا دياب نفسه.


اللغز الرابع من هو الفنان الذي يجمع بين كل التناقضات ولا يشعر بالتناقض؟ من هو الرجل الذي إذا غنى، صدّقناه، وإذا مثّل، انغمسنا، وإذا ظهر، تأملنا؟ من هو الشخص الذي حين ترى صورته، تكتشف أن "الموهبة الحقيقية" ليست في ما يفعل، بل في ما هو عليه؟


هو

 الذي لا يزال يحتفظ لنفسه بجزء لا يشاركه مع الجمهور. هو الفنان الذي كلما اعتقدت أنك عرفته، اكتشفت أنك تحتاج إلى نظرة أخرى. هو الرجل الذي لا يكشف كل أوراقه… لأن "ورقته الرابحة" هي قدرته على أن يُخفي ما يريد، ويُظهر ما يكفي. في هذه الإطلالة، كان يُقدّم درسًا: أن "الشياكة" لا تُقاس بالسعر، بل بالشخص الذي يرتديها. وأن "النجومية" لا تُفرض، بل تُشع.


وفي النهاية، أترك لك هذا اللغز الأخير… الذي لا أملك له إجابة، ولا أريد أن أملكها: في زمن الصور المتكررة واللقطات المنسوخة والفلترات المفرطة… كيف استطاع دياب، بصورة واحدة، أن يقول كل هذا دون أن يتكلم؟ ما الذي في هذه الإطلالة جعلها تستحق أن تُكتب عنها مقالة كاملة؟ ما الذي يجعل "الصورة العادية" تتحول إلى "حدث غير عادي"؟ هل هو اختيار الملابس؟ هل هو الوقوف في ضوء الشمس؟ هل هو أن تكون دياب فقط؟

هذا اللغز الأخير… لك وحدك أن تحله.

تعليقات