عندما يُرجم وجه الوطن بالحجارة...!
في كل مرة تُرمى فيها حافلة بحجر ، لا يُكسر زجاجها فقط ... بل يُخدش وجه الوطن ، ويُجرح ضمير المدينة .
في كل مرة تُخرب فيها محطة ، أو يُكسر كرسيّ في حديقة عامة ، أو يُشوه جدار بموجة غضب أعمى ... لا تُهدم الممتلكات فحسب ، بل يُهدم الإحساس بالانتماء ، ويُعلن الإنفصال عن المدنية والتحضّر .
ما يحدث مؤخرًا من مشاهد التكسير والاعتداء على حافلات النقل العمومي ، خاصة تلك التابعة لشركة النقل ، يندرج في خانة الهمجية لا غير أطفال أو شباب —لا فرق— يرجمون زجاج الحافلة بالحجارة ويفرون ، فيتناثر البلور وتتناثر معه آمالنا في محيط آمن ومسؤول .
أليس هذا المال مال الشعب؟
أليس هذا الزجاج من قوت الكادحين؟
أليس هذا المقعد الذي يُكسر ، قد جلس عليه يومًا شيخٌ متعب أو تلميذة تحمل أحلامها في حقيبةٍ ثقيلة؟
أيُّ تربيةٍ هذه التي تجيز لمن "يضجر" أن يُفرغ غضبه على أملاكنا المشتركة؟ وأيُّ منطق يُبرر هذا الغضب الفوضوي الذي يتخذ من "رمي الحجارة" وسيلةً لتفريغ مكبوتات مجهولة النسب والهوية؟
الإعتداء على الأملاك العمومية ليس جريمة فقط ... بل خيانة أخلاقية .
خيانة للعيش المشترك وللفضاء العام ، وللحق في التنقل ، والإحترام والسلامة .
، لذا ، وجب دقّ ناقوس الخطر وسنّ القوانين الصارم :
قانون يُغلّظ العقوبات ويجعل من الإعتداء على الممتلكات العامة جريمةً مكلفةً ماديًا وزمنيًا ...
قانون يفرض خطايا مالية ضخمة ، بل ويقضي بالسجن في الحالات القصوى .
قانون لا يرحم العابثين ، لأن العبث هنا لا يطال مجرد جماد بل يطال صورة وطن بأكمله!
نحن لا نحتاج فقط إلى رادع قانوني ... نحتاج إلى ثورة وعي.
نحتاج إلى زرع ثقافة "الشيء العام"، ذلك الفضاء المشترك الذي يجب أن نحميه كما نحمي منازلنا .
نعم ... كل شيء إلا الهمجية .
نعم كل شيء إلا التخريب باسم الغضب أو التمرد أو "الفراغ ".
دعونا نُعيد رسم صورة تونس التي نريد :
تونس النظيفة يطيب فيها العيش ، الآمنة، المتحضّرة .
تونس الخضراء التي يُمسك فيها الطفل بكتاب ، لا بحجر .
وتونس التي يعرف فيها الشاب أن كسر نافذة حافلة …
...! كسر لمرآة نفسه.
------
تعليقات
إرسال تعليق