القائمة الرئيسية

الصفحات


 


بقلم سهام محمد راضى 

 

كانت "رقية" بنت بسيطة من قرية صغيرة، عاشت عمرها كله وهي بتحارب الحياة بإيدين فاضية وقلب مليان وجع. اتجوزت صغيرة، وفي يوم وليلة لقت نفسها أم لثلاث أولاد، وجوزها سابها ومشي، وساب عليها ديون ومطالب الناس، وساعات طويلة في الشغل علشان تأكل ولادها.

كانت بتشتغل في كل حاجة، من الزراعة، لتنظيف البيوت، لبيع الخضار في السوق. الكل كان بيشوفها قوية، بس محدش كان يعرف إنها كل يوم بتبكي قبل ما تنام، وبتحط وشها في المخدة وتقول: "يارب، أنا تعبت، بس لسه عندي أمل فيك."


في عز الليل، وهي راجعة من شغلها، وقفت قدام بيتها تبص على عيالها نايمين من غير عشا، وقالت:

"مش هفضل كده، يوم هقوم على رجلي وأفرّحهم."


بدأت تذاكر لوحدها، تتعلم تقرأ وتكتب، تشارك في دورات من المركز القريب، تتعلم تفصيل وخياطة. ومع الوقت بدأت تخيط حاجات صغيرة، تبيعها في السوق، وكل ما حد يشتري منها، كانت تحس إن ربنا بيطبطب عليها.


مرت السنين، كبر ولادها، وكل واحد فيهم افتخر بأمه اللي علمتهم معنى الكفاح. وفي يوم من الأيام، اتعمل ليها تكريم في مركز كبير، واتقال اسمها في الميكروفون:

"رُقيّة، أمّ الأمل، مثال للمرأة المصرية اللي كسرت المستحيل."


وقفت على المسرح، دموعها نازلة، وقالت كلمة واحدة:

"كنت بدعي ربنا في العتمة، فجبرني بنوره."


دي كانت حكاية رُقيّة، اللي زيها كتير... يمكن تكوني إنتِ كمان وحدة منهم، بس افتكري دايمًا:

مهما الليل طال، دايمًا فيه شمس بتطلع... ودايمًا ربنا بيجبر الخاطر.

تعليقات