القائمة الرئيسية

الصفحات

اللغز الذي لا يُحلّ إلا على أوتار الطرب: من هو الرجل الذي لا يُغنّي للموسيقى… بل يجعلها تصلي خلف صوته؟

الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر

في زمن تعرّت فيه الأغنية من معناها، وتوشّحت الكلمات بالضوضاء، طلع صوت… مش بس واضح، بل صارخ بالصمت.
مش بس غنّى، بل وعى الناس شو يعني "مقام"، وشو يعني "رجولة الطرب"، وشو يعني إنّك ما تطلع على المسرح لتتسلّى… بل تطلع كأنك شيخ، وأنت بتؤمّ جمهورك.

اللغز الأول: من هو شيخ لا يرتدي عمامة… لكنه يفرض السجود لصوته؟

ما حدا عيّنه "شيخ الكار"، بس كل نغمة غناها كانت فتوى بالعِلم، كل طلعة صوت كانت درس بالهيبة، كل "موال" فتحه صار منصّة للي تاهوا عن الطريق… ورجعوا يسمعوا، مش يستهلكوا. من هو اللي لما يوقف يغني، بتسكت الطبول، وبتصير القلوب هي اللي بتدق؟

اللغز الثاني: من هو المطرب الذي لا يبحث عن الشهرة… بل عن استقامة الصوت؟

ما بيجري ورا الصور، ولا ورا "الكليبات" المحشوة بالألوان، بيجري ورا إحساس ما بينزّف إلا إذا خيطه من وجدانه. إذا طلعت منه العَرب، ما طلعت استعراض… طلعت دمعة قديمة مخبّاية بين ضلوعه. إذا علا صوته، ما علا على الناس… علا على نفسه القديمة. من هو اللي صوته كل ما ارتفع… حسّيت إنك انت اللي نزلت جواك؟

اللغز الثالث: من هو الموسيقي الذي يربّي الجملة كما يربّي ابنه؟

ما بيغنّي جُمل محفوظة، ولا بيستورد ألحان جاهزة، بيشتغل على النغمة مثل نجّار على قطعة خشب نادرة. بيدوّر وين بيكسرها ليصلّحها، وين بيلمعها ليبرقها، ولما تنقال من صوته، تحسّ إنها كانت ناطرتك من سنين. من هو اللي صوته مش رفيقك بالحفلة… بل عرّابك الفني بالحياة؟

اللغز الرابع: من هو النجم الذي لا يتبع الموجة… بل يغرق البحر إذا ما عجبته؟

كل الناس عم تروح يمين… هو راح شمال، الناس تنقّي اللحن السهل… هو نقّى اللحن الصعب، الناس بدها الكلام السريع… هو رجّع الكلمة لمطرحها الكريم. من هو اللي لما يغني موّال، بتحس كل المطربين قاعدين قدامه على مقعد الدرس؟

اللغز الخامس: من هو الفنان اللي ما بيكحّل صوته بالمؤثرات… بل بدم القلب؟

ما استخدم "أوتوتيون"، استخدم حنجرته مثل آلة مقدّسة. كل ارتجال عنده مش عرض عضلات… عرض تقاليد. كل خفّة دم عنده مش نكتة… بل "نغمة" بتنغمس بالروح. من هو اللي عمل من المسرح ساحة احترام، مش ساحة استعراض؟

اللغز السادس: من هو اللي لما بيغني "الوجع"، بتحسّ إنه وجعك… بس أشطر منك؟

هو ما بيشكي، بس بيخلّي الشكوى تغني، هو ما بينهار، بس بيخلّي الإنهيار يرقص من الحنية. لما يقول "آه"، ما بتكون كلمة… بتكون شرح طبيّ لحالتك النفسية. من هو اللي حتى فرحه… فيه صدى وجع، وحزنه… فيه طعم عزّ؟

اللغز السابع: من هو المطرب الذي كل ما قال "شطبنا"، فتح دفتر جديد للطرب؟

من هو اللي لما يقول "خلعنا"، ما بتفكر بشخص، بل بكل أغنية سطّحت الطرب؟ من هو اللي لما يعلن الحرب على السخافة، بيعلنها بنغمة؟ من هو اللي أغنيته صارت بيان حالة، وانتصار لجيل حبّ يسمع فنّه واقف، مش نائم؟

اللغز الثامن: من هو الصوت اللي لما تسمعه، بتحسّ إنّك بتصلي من غير ما تركع؟

من هو اللي بيعرف يرتّل الحب، ويقرأ على روحك الفاتحة بكلمة؟ من هو اللي فيه رجولة الصوت، وحنان الأم، وفلسفة البحر، وهدوء السهر، وذكاء الغياب؟ من هو اللي ما بتحضره حفلة، بل بتحضر معه مجلس طرب شريف؟

اللغز التاسع: من هو الذي لا يبحث عن جمهور… بل يجعل الناس تبحث عنهم في داخله؟

ما بيهمّه التصفيق، بيهمّه إنك تقول "الله"، مش مجاملة، بل لأنّك ما لقيت شي تاني تقولُه. بيهمّه إنك تطلع من الحفلة حاسّ حالك أذكى، مش فقط مبسوط. من هو اللي خلّاك تسأل: "ليه كل الأغاني ما بتعمل فيني متل ما بيعمل هو؟"

اللغز العاشر: من هو الذي لو انكسر صوته يومًا… ينكسر معه جيل كامل؟

مش لأنه الأعلى… بل لأنه الأصدق، مش لأنه الأشهر… بل لأنه الأوفى لفنّه، مش لأنه شيخ الكار بلقب، بل لأنه شيّخ الكلمة، والنغمة، والصدق بصوته. من هو اللي لما يُذكر لقبه، بيسكتوا اللي حواليك، وبيقولوا: "خليه يغني… الدنيا ناقصة نغمة فيها طُهر".

اللغز المفتوح للجمهور:

من هو الفنان العربي اللي بيبدأ اسمه بحرف "م"،
لبناني النغمة، أردني النَفَس،
إذا سمعت صوته، حسّيت إنك رجعت ولد… بس بثقافة شيب.
بيغني للوجدان،
وبيربّي الطرب من جديد… مش بوردة، بل بجذر.
من هو؟
جاوبونا… بس جرّبوا تسمعوا بصمت.
لأن الجواب… بين النغمة، مش بين السطور.

تعليقات