القائمة الرئيسية

الصفحات

دمعة وذكرى وأغنية ما بتنطفي… سامر أبو طالب يشارك جمهورو بصورة مع والدتو الراحلة وبيفتح بوابة وجع فيها كل شي صادق ونقي وحنين بيبكّي الحجر!



متابعة الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر 


بعالم الفن، في ناس بيعرفوا كيف يخلقوا ألحان، وناس بيعرفوا كيف يوصلوا صوتن، وفي قلائل… بيعرفوا كيف يكتبوا بمشاعرن على جبين الدنيا بلا حبر، بلا ورق، بلا صراخ… بس بلحظة صمت، بصورة، بنظرة. وهيدا تمامًا اللي عملو النجم الشامل سامر أبو طالب، الملحن، المطرب، والمنتج يلي قلب الموازين، وهزّ إحساس المتابعين لما شارك صورة قديمة بتجمعو بأغلى إنسانة ع قلبو… إمّو الراحلة، يلي غابت بالجسد، بس بعدها ساكنة بكل نغمة بيغنيها، بكل فكرة بينتجها، وبكل نفس بيطلّعو.

وجّع الصورة ما كان بالأسود والأبيض، بل بالنبض اللي فيها… سامر وقّف الزمن بلقطة خَلَّت كل يلي بيحبوه يبكوا بصمت


الصورة مش صورة عابرة، مش مجرّد أرشيف أو ذكرى محطوطة عالجنب، الصورة كانت عم توصل رسالة صادقة من قلب موجوع، من إبن بعدو عم يحكي مع إمّو عالخفيف، من بين سطور العمر، وعم يقلّا "بعدك معي، وبعدك دفياني"، وهالحرارة حسّ فيها كل متابع، من أول لحظة شاف فيها النظرة بعين سامر، والضحكة المليانة حنية بوجه والدتو، المشهد كلو كان متل فيلم قصير مدته ثانية، بس وجعو بعيش سنين، وبيترك وراه ألف تنهيدة وألف سؤال عن معنى الفقد، وعن هالبَشر اللي بيروحوا بالجسد وبيضلّوا بكل تفصيل منّا.

أبو طالب ما نشر الصورة تيكسَب عواطف الناس، بل نشرها تيقول إنو الفقد مش ضعف… الفقد قوّة بتكبرنا وبتعلّمنا نغنّي وجعنا من دون ما نصرخ


بمجرّد ما نزل البوست، بلّشت التعليقات تنزل متل المطر، وكلّ وحدة كانت محمّلة بشوق، بحنين، وبصوت ما بينسمع… بس بينقرا بين السطور. في ناس كتبوا: "الله يرحمها ويخلّيلك ذكراها عطر بكل أيامك"، وغيرن قالوا: "معقول هالحنان كلّو يرجع بصورة؟"، وفي ناس بكيوا بس من النظرة بعين سامر، لأنو هالولد الزغير جوّاتو، بعدو واقف عم ينادي ع إمّو، عم يقول: "يا ماما، بتعرفي إنك بعدك كل شي؟"، وهون كانت قوّة اللحظة… لأنو سامر ما غنّى، ما عزف، ما كتب، بس حسّسنا إنو الموسيقى ممكن تكون صامتة، بس صوتا بيوصل لقلوب ما بتعرف الكذب.

من الملحن للفنان للإنسان… سامر عم يرسم هويتو الفنية بخيوط من الوفا، والحب، والصدق يلي صار نادر بعالم كله شو وضجة


ما بيكفي إنك تكون صوتك حلو أو لحنك عبقري لتوصل لقلوب الناس، لازم تكون حقيقي، سامر قدر يكون الكل: النغمة، الكلمة، الروح، والدمعة، وقدر يلمس وجدان الناس بصورة، لأنو بيلحّن مش بس أغاني، بيلحّن نبض، وبيركّب لحن الحنين كأنو ما في غيرو بيعرف بأي مقام بيرتاح القلب لما يشتق، ولما يحنّ، ولما يحزن. والصورة مع والدتو ما كانت إلا تكملة لسيمفونية عم يعملها من سنين، سيمفونية بتحكي عنو، عن أصلو، عن تربيتو، وعن الجرح اللي حملو بضحكة، وبأمل، وبحب ما بينطفي.


الناس تأثرت، بس كمان حسّت بالأمان… لأنو كلنا منخسر، بس قلّة منّا بيعرفوا يخلّوا الخسارة تتحوّل لميناء من نور

هيدا الوجع يلي حملو سامر، صار وجعنا، بس بطريقة ناعمة، فيها احترام، فيها طُهر، وما فيها استغلال للحزن، بالعكس، فيها كرامة الموت، وفيها هيبة الأم يلي غابت بالجسد، بس بعدها الملكة الأولى على عرش القلب. وهون بيجي الفرق… الفرق بين فنان بيدوّر على ضوّ الشهرة، وفنان بيشعل شمعة روحو، وبيقول: "ضَوّيتك يا إمّي، من قلبي… خلي العالم يشوف، مش وجعي، بل حبّي".


بالنهاية… سامر أبو طالب مش بس شارك صورة، شاركنا صلاة مكتوبة بالحبر الخفي، حبر الدمعة، حبر الذكرى، وحبر الإبن يلي بعدو كل يوم بيغني لإمو، ولو حتى بصمت

والصورة بتضلّ، والقلوب بتبكي، بس كمان بتتعلّم، وسامر من خلال هاللمحة الإنسانية، بيذكّرنا إنو الفن مش دايمًا صراخ، مش دايمًا إيقاع، الفن أوقات بيكون بس نظرة، بس حضن غايب، بس صورة… وفيها أكتر من كل ألبوم نزل، ومن كل حفلة انعملت.

تعليقات