تقرير خاص من القاهرة الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر
في زمنٍ صارت فيه الأغاني مثل قوارير عطر رخيصة، نرشّها للحظة وننساها باللحظة التالية، طلع من بين الزحمة شاعر مش عادي، شاعر ما بيجمع كلمات، ولا بيدوّر على قافية جاهزة، شاعر إذا سمعته بتحسّ إنّو الكلمة بتستحي تنطق قباله إذا ما كانت صادقة، وإذا غنّت الفنانة "لطيفة" أغنية "قلبي ارتاح"، فنحنا ارتحنا لأنو شعر حسام سعيد ما كتبها، بل عاشها، وما رتّب جُملها، بل نزفها من مكان عميق ما بيطلع منه شي إلا لمّا يكون موجوع وشفاف وملوّن بالبصيرة، ومن أوّل حرف فيها لأخر تنهيدة بالمقطع الأخير، بتحس إنّو الصوت مش صوت مطربة، ولا اللحن مجرد نوطة، ولا التوزيع مجرد إيقاع، بتحس إنّو الكل عم يخدم حالة وحدة، كتبها رجل مش لحتى يُقال عنه شاعر، بل لحتى يحكي بلسان قلوب عم تتخبّى من حالها.
اللغز الأول: من هو الشاعر يلي ما كتب "قلبي ارتاح"، بل عطاها قلب؟ من هو الرجل يلي ما جلس يكتب،
بل وقف قدام المراية وواجه حاله، وقال: هالكلمات لازمها صدق أكتر من الحبر؟ من يلي ما دوّن وجع، بل رسم نبض؟ من يلي ما خلق أغنية، بل فكّ شفرة راحة قلب ما بترتاح إلا بعد حريق؟ من يلي عطى للطيفة مش نص… بل ذاكرة؟ من يلي ما طرح قصة حب، بل سرد عملية شفاء كاملة لأنثى كانت ضايعة، ولقيت نفسها لما لقِيِت حدن بيشبهها بكلماته؟
الجواب: حسام سعيد، مش لأنه شاعر عظيم فقط، بل لأنه صار الحُبّ وكتب عن حاله.
اللغز الثاني: من هو يلي ما اشتغل بالشِعر، بل اشتغل على أرواحنا؟ من هو يلي كلماته مش بتدخل الأذن، بل بتكسر صمت الروح؟
من يلي بيشبه قلمو دقّات قلب مش منتظمة؟ من يلي بيغنّي بصوت غيره، بس الصوت الحقيقي هو صوت روحو؟ من يلي بيخلّي الكلمة ما تبقى كلمة، بل اعتراف، بل دمعة طالعة على شكل جملة، بل خفقة قلب كانت مخباية وطلعت للضو؟ من هو يلي مش بس كتب "قلبي ارتاح"، بل عطانا فيها فرصة نقول: "إيه، هيّ دي الراحة يللي كنا ندوّر عليها من دون ما نعرف وين؟"
الجواب: حسام سعيد، يلي بيكفيك تكتب اسمو لتفهم إنو في شي مختلف بالموضوع، شي مش قابل للتقليد، لأنو مش مصنوع… بل مولود.
اللغز الثالث: من هو الشاعر يلي ترك الغموض يتنفّس بين السطور؟ من يلي ما شرحلك، بل خلاك تتفسّر على ذوقك؟ من يلي ما عطاك النهاية، بل خلاك تخلقها؟ من يلي كتب أغنية فيها مليون احتمال، وكل احتمال فيك تسمّيه حالة؟
من يلي خلّى "قلبي ارتاح" تكون مش مجرد جملة، بل سؤال، بل لغز، بل كأنو بيقلّك: إنت ارتحت؟ طب كيف؟ ولِمين؟ وشو صار لحتى توصل لهون؟
الجواب: حسام سعيد، لأنو ما كتبنا، بل كتبنا نحنا… بأقلامو.
اللغز الرابع: من هو الشاعر يلي خَبّى تحت كل كلمة حكاية؟ من يلي بتقرا سطر منو بتحس إنّك فتحت كتاب عمر؟ من يلي بيفرّغك وبيعبيك بنفس الوقت؟ من يلي بيخلّي الجملة فيها لذّة، بس كمان فيها وخزة؟
من يلي كل مقطع منو فيه قصة حب، وفيه كمان درس، وفيه كمان وجع، بس الوجع لذيذ؟ من يلي بيخلّي السطر ما ينتهي بنقطة، بل بنَفَس؟
الجواب: حسام سعيد، شاعر إذا فتّشت بكلماتو بتلاقيه مخبّي وجوه ناس، ومشاوير، وليالي صمت، وشكوك، وشويّة سلام ما بيجوا إلا بعد عاصفة.
اللغز الخامس: من هو الشاعر يلي لما كتب "قلبي ارتاح"، ارتحنا نحنا وما فهمنا ليه؟ من يلي حسّسنا إنّو الإرتياح مش شرط يكون سعادة، ممكن يكون استسلام، أو قبول، أو حتى وجع خلّصناه ورضينا فيه؟
من يلي بيخلّي المستمع يسأل حالو: "أنا شو حسّيت؟"، قبل ما يقول "الأغنية حلوة"؟ من يلي عطى لطيفة خريطة عاطفية تمشي فيها من دون ما تضلّ الطريق؟ من يلي رسم صوتها بريشة شاعر بيعرف إنو الصوت مش آلة… بل دعوة؟ من يلي ما حكى عن الحب، بل فَتَحو متل ما بيفتح الجراح عن جرحه؟ من يلي عطى الكلمة شرف، والقصيدة معنى، واللحن جناحين؟
الجواب: حسام سعيد، لأنو ما كتب أغنية… بل كتب صلاة.
اللغز السادس: من هو الرجل يلي بيكتب وما بيقول "أنا كتبت"، بل بيقول "أنا كنت هونيك"؟ من هو يلي كتب أغنية، بس ما حكى عن ملهمته؟
من هو يلي كتب بصيغة الحاضر… بس إحنا سافرنا للذكريات؟ من هو يلي ما طلب التصفيق، بس انتزع من قلوبنا الاعتراف؟ من هو يلي كل كلمة منو بتنكتب عالقلب قبل الورق؟ من هو يلي عطى صوت لطيفة فرصة تكون "امرأة رجعت لإلها"، مش بس امرأة بتحب؟
الجواب: حسام سعيد، لأنو ما بيخاف من الحقيقة، وبيعرف كيف يقدّمها بلباس فني راقٍ، ناعم، وعنيف بنفس الوقت.
بس هلّق... خليني اسألك أنا اللغز يلي إنت لازم تحلّو:
من هو الرجل يلي إذا شِلت اسم الفنان، والمُلحن، والمُوزّع، وبقيت بس الكلمات… بيخلّيك تحس إنو بتعرفو من زمان، لأنو كتبك إنت؟
فكّر… وشوف إذا بتعرف الجواب.
تعليقات
إرسال تعليق