متابعة : الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر
بطلٌ من ورق النوتة... تحوّل إلى أسطورة لحم ودم!
ما إن لمحت الأعين صورته، حتى عمّ الصمت وتحوّل كل من حوله إلى خلفية باهتة. علي الخواجة، النجم الملحن، الحاضر دائماً بألحانه، الغائب جسدًا، العائد فجأة وكأنّه خرج من مشهد ختامي لفيلم عالمي، دخل المكان بطلّة لا تشبه إلّا الأساطير، شعره مرسوم بريشة فنان، نظرته حادّة وكأنها تخترق الزمان، خطواته موزونة كأنها مقطوعة موسيقية مدروسة، ملابسه مصمّمة بعناية، والهيبة تسبق حتى ظلّه.
الزمن توقّف لثوانٍ... والعيون انشدّت تلقائيًا!
كأنّنا أمام كاميرا بزاوية "كلوز أب" بتقنية الـ4K، تسجّل لحظة دخول البطل، الموسيقى التصويرية شغّالة بداخلنا، والأنفاس محبوسة، علي مشى، والمكان ارتجف، ما بين دهشة عيون الحضور وابتسامته التي تشبه ابتسامة فنان يعرف أنّه يتقن دوره.
مش طلّة... هيدا مش مجرّد ظهور، هيدا مشهد إخراجي مكتمل!
كأنّه وافق أخيرًا يشارك بفيلمٍ من إخراجه وبطولته، كأنّه عائد من رحلة في الخيال، من تصوير في شوارع باريس أو نيويورك، من لقاء سرّي مع أساطير الزمن الجميل، رجع ليقول: "أنا هون... مش بس ورا اللحن، كمان قدام الكاميرا!"
شو صاير؟ شو متغيّر؟
هو ذاته علي، بعينَيه المليانين إحساس، بروحه اللي بتشبه البيانو الأبيض، بس في شي مختلف، في شي بيقول إنّ الرجل فهم اللعبة، وقرر يلعبها على طريقته، كل تفصيل بهالظهور كان مدروس، لا صدفة، لا عشوائية، بل إعلان غير مباشر إنّه صار جاهز يطلع من الظلّ للنور، من خلف الستارة للواجهة.
الصورة اللي انتشرت؟ مش صورة... هيدا بوستر لفيلم!
الوقفة، الزاوية، الإضاءة، القميص المفتوح على صدر من حديد، الساعة المدهبة، النظارات الداكنة... كل عنصر بيصرّخ: "أنا نجم، أنا حكاية مش مكرّرة". وحتى التعليقات ما كانت عادية، ناس كتبوا: "وينك من زمان؟"، وناس قالوا: "هيك بيكون الملحن لما يكون فنان من جوّا لبرا".
مشهد ما بين الحاضر والماضي والمستقبل
اللي بيعرف علي الخواجة بيعرف إنّه من زمن النوتة الصادقة، من مرحلة الأغاني اللي بتنحفر، من مدرسة الإحساس الراقي، بس اللي شفناه هلّق هو رسالة للمستقبل: "اللي جايي أعظم"، كأنّه عم يعلن افتتاح فصل جديد من مسيرته، فصل بيجمع بين الموسيقى والإطلالة، بين الجوهر والشكل، بين اللحن والهيبة.
وإذا بدّك تسأل: شو السرّ؟ الجواب بسيط... هو نفسه السرّ اللي بيخلي نغمة تتحوّل لدمعة
السر هو الشغف، هو الصمت اللي بيسبق اللحن، هو الحضور اللي ما بيتصنّع، هو إنّك تكون نجم حتى لو ما حكيت، حتّى لو بس مشيت.
وهلّق؟ كل العيون ناطرت... شو الجايي؟ شو المشروع الجديد؟
هل رح نشوفه بعمل بيجمع الصورة والصوت؟ هل في مفاجآت بصوت كبار النجوم؟ ولا يا ترى ناوي ينقلنا على مستوى جديد من الفن؟
الوحيد اللي عنده الجواب هو علي الخواجة، والوحيد اللي بيقدر يقرّر متى وكيف يطلّ من جديد، بس المؤكد إنّه هلّق صار أكتر من ملحن... صار صورة بتنعرض عالمسرح، صار كادر من فيلم، صار حضور صعب يمرّ مرور الكرام.
وبعدنا منقول: لما الفنّان بيكون فنّان من جوّا... بيلمع حتى لو ما غنّى!
تعليقات
إرسال تعليق