علّمت نفسي الرحيل قبل أن أصبح عبئًا
لم أعوّد نفسي يومًا أن تكون ثقيلةً على الآخرين ، بل عوّدتها على أن ترتحل فورًا من كل مكان يمسّ كرامتها.
لم أقبل أن أكون عبئًا على قلب أحد ، ولا زائدًا في حياة أحد ولا هامشًا لا يُنظر إليه إلا على إستحياء.
كنتُ دومًا أهرب من الأماكن التي أشعر أنها لا تسعني بروحي ولا تقدّر وجودي ، حتى وإن خسرتُ بعدها الكثير.
علمتني الحياة أن الكرامة لا تُشترى ولا تُهدى ، وأن الصدق مع النفس أهم من أي عاطفة زائفة أو علاقة هشة لا تحمل سوى وجع الإنتظار والخذلان.
كنت كلما لمحت بادرة إستثقال ، أو سمعت نبرةً تهزّ يقيني بمكاني في حياة أحدهم ، أرتحل بلا تردد ، وأترك وراء ظهري كل شيء.
إن أصعب أنواع الرحيل ليس ذاك الذي تفرضه المسافات ، بل ذاك الذي يختاره القلب ليحافظ على نفسه من الإنكسار أن تنسحب من حياة من لا يراك إلا عبئًا ، هو إنتصار صغير للروح على قسوة التعلّق ، وهو الدرس الأصدق في كتاب الحياة.
ومهما خسرت بعدها – صديقًا أو حبيبًا أو مكانًا كنت تحبه – فأنت تربح نفسك أوّلًا ، وتربح سلامك الداخلي الذي لا يقدّر بثمن. فأختر دائمًا أن تكون خفيفًا على القلوب ، عزيزًا في عيون نفسك ، واسع الخطى نحو ما يشبهك ويقدّرك.
في نهاية المطاف ، لعلّ أجمل ما قد يملكه الإنسان هو قلب لا يساوم على كرامته ، وروح تعرف متى تمضي ومتى تبقى.
فأحفظ قلبك لمن يراه حياة ، وأمضِ بخطًى ثابتة حيث تجد الحب الحقيقي ، ذاك الذي لا يجعلك تتساءل يومًا عن قيمتك في عيون من تحب.
-----
تعليقات
إرسال تعليق