القائمة الرئيسية

الصفحات

"الصرخة": صرخة سهام محمد راضي لكسر جدار الصمت حول الجرائم الخفية. بوابة الإخبارية نيوز




كتب رجب حموده 


في عمل أدبي توثيقي جريء ومؤثر، تأخذنا الكاتبة والصحفية سهام محمد راضي في كتابها الجديد "الصرخة" في رحلة عميقة إلى أعماق المجتمع، لتكشف عن الجرائم الصامتة التي غالبًا ما تُدفن تحت ستار من العيب والتقاليد والخوف. لا يقدم الكتاب بحثًا أكاديميًا جافًا ولا رواية خيالية، بل هو صرخة حقيقية تنبع من قلب الواقع، توثق مآسي عايشتها الكاتبة أو رصدتها عن كثب، مقدمةً صوتًا للمقهورين في مجتمع لا يُنصف الضعفاء.

14 فصلًا: مرآة تعكس أوجاع المجتمع

يُسلّط "الصرخة" الضوء على أربعة عشر قضية مجتمعية خطيرة، كل منها تُشكّل فصلًا مستقلًا بذاته، لترسم معًا صورة شاملة للألم والظلم. تتناول الفصول قضايا مثل:

 * العنف الأسري

 * الزواج المبكر

 * التحرش والاغتصاب

 * الإدمان

 * الانتحار

 * التسول والجريمة المنظمة

 * الخطف وتجارة الأعضاء

 * النصب والاحتيال

 * دور الإعلام في تطبيع الجريمة

 * وختامًا: العنف ضد المرأة، الذي تُعدّه الكاتبة خلاصة لكل هذه المآسي.

تُبرز سهام محمد راضي هذه القضايا بأسلوب يمزج بين السرد التقريري بلغة أدبية واضحة، والتحليل النفسي والاجتماعي العميق، مع مقاربة إنسانية تدفع القارئ للتأمل. وينتهي كل فصل بـ"رسالة للقلب"، وهي فقرة مؤثرة تحمل نداءً صادقًا للتغيير، ليس مجرد شعارات، بل خلاصة تجربة حقيقية تنبع من ضمير حي.

دعوة للمواجهة لا للإدانة

"الصرخة" ليس كتابًا يدين المجتمع بقدر ما هو دعوة صريحة لتحمل المسؤولية. تسأل الكاتبة أسئلة موجعة: لماذا يصمت الطفل؟ لماذا تُجبر الفتاة على الزواج؟ لماذا يصبح المتحرش بطلًا في الأعمال الدرامية؟ ولماذا يُنظر للمدمن كمنبوذ بدلًا من مريض يستحق العلاج؟

الكتاب يعرّي الواقع بجرأة، لكنه لا يدعو إلى التحريض، بل إلى الإصلاح. إنه نداء للوعي، للتربية السليمة، وللمواجهة الشجاعة للحقائق المؤلمة، سعيًا نحو مجتمع أكثر عدلًا وإنسانية.

العنف ضد المرأة: خلاصة الألم في جسد واحد

ليس من قبيل الصدفة أن تختتم الكاتبة كتابها بفصل مخصص للعنف ضد المرأة. فهذا الفصل، كما توضح الكاتبة، يمثل خلاصة لكل الجرائم السابقة، حيث تتجسد كل أشكال القهر والألم في جسد أنثى واحدة. إنه يعكس الصمت الطويل الذي عانته المرأة، والتحمل الذي فُرض عليها، والتغاضي المجتمعي الذي جعل من ألمها قدرًا لا يُناقش.

عمل يوقظ الضمير

"الصرخة" ليس كتابًا يُريح القارئ، بل هو عمل يوقظ الضمير ويهز الوجدان. إنه شهادة قلم أنثوي متمرس يصرخ ليس فقط من أجل النساء، بل من أجل كل إنسان تعرض للقهر، أو عانى في صمت، أو خُذل من أقرب الناس إليه ومن المجتمع. إنه دعوة مفتوحة للتأمل والتحرك نحو تغيير حقيقي.



تعليقات