القائمة الرئيسية

الصفحات

طفلٌ لم يكبر أبدًا

يبدو كرجلٍ مكتمل.
في الثلاثين من عمره،
بملامح هادئة، وصوتٍ واثق، ومشية لا تخون.

لكنّ في داخله…
طفلٌ صغير،
ما زال جالسًا في زاوية مظلمة من طفولته،
ينتظر أحدًا أن يمسك بيده…
ولم يأتِ أحد.

كان صغيرًا جدًا حين فهم أن الخوف لا يُشفق،
وأنّ البكاء لا يُسمع دائمًا،
وأن عليه أن يكبر… قبل أوانه.

كبر وجهه،
ونضجت حركاته،
لكن شيئًا فيه بقي صغيرًا… هشًّا.

حين يخاف، يصمت.
وحين يشتاق، يبتلع قلبه.
وحين ينكسر، يضحك أكثر.
كأنه يدرّب نفسه على النجاة من كل شيء… حتى من نفسه.

كل صباح، يلبس قناع القوة،
لا ليخدع العالم…
بل ليحمي ذاك الطفل الذي بداخله
من سؤالٍ واحد:
"ما بك؟"

هو لا يعرف كيف يكون رجلًا كما يجب،
لأنه لم يتعلّم يومًا
كيف يكون طفلًا كما يحقّ له.

لم يسمعه أحد حين ارتجف ليلًا،
لم يربّت على ظهره أحد حين خاف،
ولم يصدّقه أحد حين قال بصوته الباهت:
"أنا بخير."

هو الآن رجل،
لكنّه يجرّ داخله طفله القديم…
طفلًا لم يكبر، ولم يُشفَ، ولم يُفهم.

ذلك الطفل لا يزال هناك،
يربت على قلبه كل ليلة،
ويهمس له:

"أنا ما زلت هنا…
فقط، لا تنساني."

الكاتب إدريس أبورزق

تعليقات