نقطه من اول السطر
بقلم /حماد مسلم
في ذكري احتفالات ثورة الثلاثون من يونيو تحرير مصر من الاخوان وتحرير أملاك الملاك من المستأجرين في الحقيقة الإنسان المصري ملهوش حل يسخر كل موضوع حسب تفسيراته وهذا مانؤكده من خلال تحليلات البعض في بداية مناقشة قانون الإيجارات القديمة حتي في مناقشة الحوار المجتمعي تجد اول من طرح فكرة التعديل هو الرئيس عبد الفتاح السيسي وبالفعل تقدمت الحكومة بمشروع وخاصة بعد صدور حكم الدستورية العليا وجدنا شد وجذب مابين مؤيد ومعارض اختصارا تم مناقشة تعديلات القانون وتمت الموافقة عليه تخرج علينا اصوات تتطالب الرئيس عبد الفتاح السيسي بعدم التصديق الواحد يضحك ولا يعمل ايه غير أنه يقول تقارير الحكومة تقول وتؤكد أن الملاك اغلابية وأن الحكومة متكفله بتوفير وحده سكنية للغير قادرين ولكن ليه مصر تستقر لابد من تنفيذ مخطط لانتشار الفوضي عزيزي القارئ ابحر معي في السطور التالية واستنتج انت ....لحظة تاريخية، طوت قاعة مجلس النواب صفحة من أكثر القوانين إثارة للانقسام في مصر، فبينما كانت مطارق رئيس المجلس تعلن الموافقة النهائية على إنهاء حقبة "الإيجار القديم"، كانت مقاعد 25 نائبًا معارضًا فارغة، وقد يبدو المشهد للوهلة الأولى وكأنه مجرد انسحاب احتجاجي، لكن نظرة أعمق تكشف عن كواليس مناورة سياسية جريئة، خطة محكمة كانت تهدف إلى شيء أكبر بكثير من مجرد تعديل بنود القانون.
شرارة العدالة التي طال انتظارها
كل شيء بدأ بحكم مدوٍ من المحكمة الدستورية العليا في نوفمبر 2024، والذي لم يصف ثبات القيمة الإيجارية بأنه غير دستوري فحسب، بل اعتبره "عدوانًا على العدالة" و"إهدارًا لحق الملكية"، فلقد كان الحكم بمثابة إعلان وفاة لظلم امتد لعقود، لكن المحكمة، في حكمتها، أمهلت المشرّع فرصة لتصحيح المسار قبل نهاية دور الانعقاد، داعيةً إياه إلى تنظيم تشريعي جديد يعيد التوازن المفقود.
استجابت الحكومة لهذه الدعوة برؤية شاملة، فبدلاً من ترقيع القانون القديم، قدمت مشروعًا شجاعًا يهدف إلى حل الأزمة من جذورها، واضعًا نهاية تدريجية ومنظمة لهذه العلاقة الإيجارية الاستثنائية التي شوهت الاقتصاد وشلّت الثروة العقارية لعقود.
تحليل الخطة المعارضة: خدعة "البيانات المستحيلة"
وهنا، بدأت تتكشف خيوط ما يبدو أنها كانت استراتيجية المعارضة الحقيقية، إذ لم يكن الهدف، في تقديري، هو الوصول إلى قانون أفضل، بل كان منع صدور أي قانون على الإطلاق، حيث كانت الخطة تقتضي دفع الحكومة لسحب مشروعها، وترْك دور الانعقاد ينتهي، وبالتالي تفعيل حكم المحكمة الدستورية تلقائيًا.
كان الرهان هو إغراق الدولة في "فوضى محسوبة"، فتفعيل الحكم كان سيطلق العنان لملايين الدعاوى القضائية من الملاك للمطالبة بـ "أجرة المثل"، وهو ما سيشل المحاكم ويخلق أزمة اجتماعية هائلة، حيث كانت هذه الفوضى المنتظرة هي ورقة الضغط القصوى التي راهنت عليها المعارضة، على أمل أن يتم في خضمها إنقاذ الوحدات التجارية والإدارية، التي لم تكن أصلًا ضمن نطاق حكم المحكمة.
ولتنفيذ هذه الاستراتيجية، برزت أداة تبدو في ظاهرها موضوعية ومنطقية، لكنها في جوهرها كانت تعجيزية: المطالبة بإحصاءات وبيانات محدثة ومفصلة.
لكن المتأمل في هذا الطلب يدرك سريعًا أنه كان أقرب إلى المستحيل العملي، فالتعداد السكاني الشامل هو عملية ضخمة تُجرى كل عشر سنوات، ومن غير الواقعي تنفيذه في أشهر قليلة، والأهم من ذلك، أن تعداد 2017 نفسه لم يكن مصممًا للإجابة على هذه الأسئلة الدقيقة؛ فهو لم يفرق غالبًا بين المستأجر الأصلي ومن امتد إليه العقد، ولم يتعرض لتفاصيل أعمار الساكنين وقدراتهم المالية، إن محاولة استنتاج هذه التفاصيل عبر وسائل التحليل الرياضي من بيانات غير موجودة هو ضرب من الخيال، ووسيلة تعجيزية كانت، في رأيي، تخدم خطة المعارضة لتأخير إقرار القانون لا أكثر.
الدولة تختار النظام على الفوضى
يبدو أن الحكومة والأغلبية البرلمانية أدركتا أبعاد هذه المناورة، فبدلاً من الانجرار إلى فخ المطالب المستحيلة والدخول في دائرة مفرغة من التأجيل، اتخذتا قرارًا حاسمًا بالمضي قدمًا. لقد كان خيارًا بين النظام الذي يوفره القانون، والفوضى التي كانت ستنجم حتمًا عن الفراغ التشريعي.
كان تمرير القانون بمثابة رفض للخطة التي كانت تراهن على الفوضى، فلقد اختارت الدولة مسارًا واضحًا يمكن التنبؤ به، حتى لو كان صعبًا، على حساب ترك ملايين الملاك والمستأجرين في مهب نزاعات قضائية لا تنتهي.
رهان على الفوضى.. وأسئلة تبحث عن إجابة
في نهاية المطاف، وبعد أن هدأت عاصفة التصويت، لا يمكن للمرء إلا أن يتوقف متسائلًا أمام مشهد المعارضة الأخير، لكن السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح لم يعد حول تفاصيل القانون، بل حول الهدف الحقيقي من وراء خطة التعطيل، فلصالح من كان هذا الدفع المحموم نحو الفوضى؟ ولماذا؟ ما الذي كانت تهدف إليه حقًا تلك المناورة التي كانت ستلقي بملايين الأسر في أتون نزاعات قضائية لا تنتهي؟
إنه لأمر يثير الحيرة، فالمنطق يقول إن المعارضة تهدف إلى تقديم بديل أفضل، لا إلى الدفع نحو فراغ تشريعي كارثي، والإنصاف يقتضي هنا أن نستثني صوتًا بدا مختلفًا، هو صوت النائب المهندس إيهاب منصور، الذي وعلى الرغم من معارضته لمنطق القانون الحكومي، لم يكتف بالرفض، بل قدم رؤية بديلة متكاملة، خارطة طريق قابلة للتنفيذ كانت تمثل مسارًا ثالثًا ومنطقيًا، لقد كان طرحه يمثل معارضة بناءة تضع حلًا في مقابل حل.
لكن لماذا إذن تم تجاهل هذا الصوت الموضوعي داخل تيار المعارضة نفسه؟ لماذا تم التغاضي عن الحلول العملية لصالح رهان خطير ومغامرة غير محسوبة على الفوضى؟ من الذي كان يقف وراء استراتيجية "الأرض المحروقة" هذه، ومن هو المستفيد الحقيقي من محاولة إغراق الدولة في أزمة كان من الممكن تجنبها؟ تبقى هذه الأسئلة معلقة، شاهدة على أن ما حدث لم يكن مجرد خلاف تشريعي، بل ربما كان شيئًا أعمق، وأكثر إثارة للقلق.
في النهاية، يبدو أن الصراع لم يكن بين رؤيتين للقانون، بل بين رؤية تسعى لحل تدريجي ومنظم، وأخرى كانت مستعدة للمقامرة باستقرار المجتمع لتحقيق مكاسب سياسية. لقد نجحت الدولة في فرض منطقها وتمرير قانون يضع حجر الأساس لإنهاء ظلم تاريخي، حتى وإن كانت تفاصيله ستظل محل نقاش. والآن، يبدأ فصل جديد، ليس فصلًا مثاليًا بالضرورة، ولكنه بالتأكيد فصل يبتعد عن الشلل والجمود، ويتجه نحو إعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي، وتصحيح مسار أزمة طال أمدها أكثر مما ينبغي.
تعليقات
إرسال تعليق