في كل ليلة، حين يخلع العالم ضجيجه،
أرتدي أنا رأسي… كأثقل ما أملك.
أُطفئ الضوء، فأشعل داخلي عرضًا جديدًا،
عرضًا لا جمهور له سواي،
ولن يُرفع عنه الستار أبدًا.
"ما الذي كان يمكن أن يحدث؟"
السؤال الأبدي، المتسلل، الذي لا يطرق الباب.
يأتي خفيفًا، ثم يستقر كثقلٍ فوق صدري،
ينقّب في الذاكرة،
ويبعثر الماضي كقطع زجاج…
أحاول جمعها دون أن أجرح نفسي،
لكنني أنزف دائمًا.
لو أنني لم أجب على تلك الرسالة.
لو أنني تأخرت خمس دقائق فقط عن ذلك اللقاء.
لو أنني سكتُّ عندما تحدثت، أو تحدثت عندما سكتُّ…
هل كنت سأكون شخصًا آخر؟
هل كان قلبي سيبدو أخفّ مما هو عليه الآن؟
عقلي ليس مسكونًا بالماضي كما يبدو،
بل بالمستقبل الذي لم يحدث…
لكنه يلوّح لي كل ليلة، كأنه قريب،
كأنه كان على بُعد قرار واحد فقط.
في داخلي امرأة أخرى…
امرأة مشيتُ عنها ذات خوف، ولم أعد.
أراها أحيانًا في مشاهد الليل:
ترفض بثقة،
تغادر دون ندم،
تُحبّ بكرامة،
وتنام دون أن تُحاكم نفسها.
أراها تقف في المكان ذاته الذي وقفتُ فيه،
لكنها تختار شيئًا آخر…
شيئًا يشبهها أكثر، ويؤلمها أقل.
ما يؤلمني حقًا،
ليس ما اخترتُه…
بل ما لم أجرؤ على اختياره.
ذلك الطريق الذي مررتُ بجانبه،
وتظاهرتُ أنني لم أره.
"ما الذي كان يمكن أن يحدث؟"
سؤال لا ينام،
ولا يسمح لي أن أنام.
يسير بين أفكاري بخفّة لصّ،
يسحب من تحتي يقيني،
ويترك قلبي يتأرجح بين احتمالين:
لو...
وليت...
أنا لا أبحث عن ماضٍ بديل،
ولا عن باب مفتوح في الحائط،
أنا فقط أريد لحظة واحدة لا أعيد تمثيلها مئة مرة كل ليلة.
أريد أن أصمت دون أن أُعاقِب نفسي،
أن أخطئ دون أن أُشرّح قلبي بعدها،
أن أعيش...
بدلًا من أن أتخيّل كيف كان يمكن أن أعيش.
لكنني عالقة...
بين حقيقة لا تُرضيني،
وحياةٍ لم تحدث...
لكنها تؤلمني أكثر من التي حدثت.
أنا تلك التي تكتب قصصًا لا تُروى،
وتعيش سيناريوهات لا تُعرض،
وتُحبّ رجالًا لا يُوجَدون.
أنا التي تعيش حياةً غير مكتملة،
وتنام بجوار السؤال ذاته،
كأنّه عشيق لا يرحل:
"ما الذي كان يمكن أن يحدث؟"
تعليقات
إرسال تعليق