قلوب تغيّرت.. فغابت البركة
في زمنٍ ليس ببعيد، كنا نستقبل الضيف بقولنا: "أهلاً وسهلاً"، ونفرش له القلب قبل المكان. أما اليوم، فقد صرنا نطلب منه أن "يتصل قبل أن يصل"، وربما نتثاقل من قدومه!
كنا نقول "الجار قبل الدار"، أما الآن فكثيرٌ من الناس لا يعرفون حتى أسماء جيرانهم، ويكتفون بعبارة: "خلك في حالك".
كنا نعد الأقارب أحبابًا، واليوم نقول: "الأقارب عقارب"، والقطيعة أصبحت واقعًا معتادًا، لا تستوقف الكثيرين.
كنا نجتمع في البيوت كل يوم، على مائدة طعام أو في حديث عابر، أما اليوم فلا نجتمع إلا في التهاني أو التعازي، وكأن صِلة الرحم أصبحت مرتبطة بالمناسبات فقط.
فهل تغيرت الدنيا؟ لا والله، بل تغيرت القلوب.
قال رسول الله ﷺ:
"ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب"
(رواه البخاري ومسلم)
فصلاح القلب هو مفتاح صلاح الحياة، وفساده هو أصل كل جفاء وغلظة وقطيعة.
لقد أصبحت حياتنا سريعة، متباعدة، جافة. صار الهاتف الذكي أقرب إلينا من أرحامنا، و"الستوري" أهم من زيارة الوالدين.
نسينا وصايا القرآن:
"وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ"
﴿النساء: 36﴾
وغفلنا عن حديث النبي ﷺ:
"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه"
(رواه البخاري)
إن عودة الدفء إلى علاقاتنا تبدأ من أنفسنا. من قلبٍ يعفو، ويصل، ويُحسن الظن، ولا ينتظر المقابل.
عودوا إلى جيرانكم، إلى أقاربكم، إلى زيارة بدون موعد، إلى كلمة "وحشتوني"، إلى دعوة "تيجوا تفطروا عندنا"، إلى جلسة صافية تجمع القلوب لا الشاشات.
تعليقات
إرسال تعليق