القائمة الرئيسية

الصفحات

ردا على مقال المفكر العربى علي محمد الشرفاء .. أستاذ علم اجتماع: نحتاج إلى إعلاء قيمة القدوة الحسنة داخل المجتمع الإسلامي



كتبت آية معتز 


-قال الدكتور وليد رشاد أستاذ علم الاجتماع، ردا على رؤية المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، في مقاله “منظومة القيم والأخلاق المطلوبة.. والبداية بالنشيء” ، أننا جميعا لابد أن نسأل أنفسنا هل نحن المسلمون نطبق تعاليم الإسلام؟ لافتا إلى أن غياب القدوة الحسنة يتسبب في إفساد المجتمع وإنحداره.


وأكد رشاد على أهمية نماذج القدوة الحسنة داخل المجتمع الإسلامي، لافتا الى أن البداية دائما تكون من الأسرة الأب والأم، كيف يكونوا قدوة حسنة لأبنائهم؟، في أقوالهما وأفعالهما، ملتزمين بتعاليم الإسلام في حياتهما اليومية، فالطفل يتعلم بالملاحظة والتقليد أكثر من التلقين، على سبيل المثال، إذا كان الأب محافظا على الصلاة في وقتها، فسينشأ الإبن على حب الصلاة والمحافظة عليها، فالمجتمع بكل مؤسساته مسؤل عن ترسيخ قيم القدوة وإظهارها، حتى ينصلح حال الأمة الإسلامية لتكون قدوة حسنة لكل شعوب العالم.


وطالب استاذ علم الإجتماع بضرورة غرس الأخلاق الإسلامية في الأطفال، مثل الصدق والأمانة والتواضع، واحترام الآخرين والتعامل معهم بلطف، موضحا أن تعليم الأطفال العفو والتسامح والبعد عن الغضب والانتقام يساهم في بناء شخصية متزنة وهادئة، مؤكدا أن الأخلاق الإسلامية تساهم في بناء مجتمع قوي ومتماسك.


وأشار أستاذ علم الاجتماع إلى أن تربية الأبناء في الإسلام مسؤولية عظيمة، والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم هو خير سبيل لتحقيق هذه الغاية، مستدلا أنه يمكن للوالدين تطبيق وصايا الرسول في تربية الأبناء في العصر الحديث من خلال دراسة سيرته والتعرف على أساليبه الحكيمة في التعامل مع الأطفال، فاتباع هدي النبي يضمن لنا تربية أبناء صالحين ومتميزين، متمسكين بدينهم، نافعين لمجتمعهم، موضحا أن إظهار الرحمة والمحبة للأبناء أمر ضروري يجب على الوالدين التعبير عن حبهما لأبنائهما بطرق مختلفة، مثل احتضانهم وتقبيلهم واللعب معهم، فالرحمة والمحبة تخلق علاقة قوية ومتينة بين الوالدين والأبناء، وتجعلهم يشعرون بالأمان والاطمئنان.


وتطرق الدكتور وليد رشاد إلى العدل والمساواة بين الأبناء، مضيفا أنه يجب على الوالدين تجنب التمييز بين الأبناء في المعاملة والعطاء، وأن يشعر كل طفل بأنه محبوب ومقبول بغض النظر عن قدراته أو صفاته، فالعدل والمساواة يمنعان الغيرة والحقد بين الأبناء، مؤكدا أن تربية الأبناء أمانة عظيمة سيحاسب عليها الأباء أمام الله، لذلك يجب على الآباء أن يكونوا مثالا يحتذى به في الالتزام بتعاليم الإسلام، وأن يوفروا بيئة منزلية إيمانية تساعد على نمو الأبناء الصالح، موضحا أن التكامل بين الوالدين في تربية الأبناء أمر ضروري لضمان تحقيق أفضل النتائج.


وإلى نص مقال المفكر العربي علي محمد الشرفاء “منظومة القيم والأخلاق المطلوبة.. والبداية بالنشيء”


وفقًا لرسالة الإسلام، فإن حكمة الله سبحانه اقتضت البدء بتربية النشء على تعليمهم تطبيق المنهاج الإلهي الذي يؤسس لديهم قيم الأخلاق القرآنية وصفات المؤمنين التي ذكرها القرآن في آيات الذكر الحكيم، ليصحح لدى الأفراد سلوكياتهم لتتوافق مع الاخلاق السامية كما وصف الله رسوله عليه السلام: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} القلم (٤)، كما وصف الله رسوله أيضًا بالرحمة في قوله مخاطباً رسوله {وَمَآ أَرْسَلْنَٰكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَٰلَمِينَ} (الأنبياء:١٠٧).


إن الفرد اللبنة الأولى لتكوين المجتمع، واذا تمت تربية الأفراد وفق المنهاج الإلهي الأخلاقي والقيم النبيلة، يستطيع المجتمع أن يؤسس بهم مجتمع الرحمة والعدالة، ويخرج منهم قادة متفانون في خدمة أوطانهم دون استعلاء ولا مِنَّة أو تكبُّر، ويشترك الجميع في رسم خارطة المستقبل لهم ولأجياله بواسطة التشاور والمصارحة التي تستهدف بناء وطن يحقق التكافل بين كافة المواطنين، مما يحقق مصلحة الجميع، ويكون المشرفون على خطة المستقبل في التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية أكثر حرصًا وأمانةً وانفتاحًا مع القادة في إبداء الرأي الأمين بكل الوضوح دون خوف أو إرهاب، مما يتيح أن يتشاور الجميع بكل المصداقية في تحقيق آمال المجتمع في الحرية والعدالة والمساواة، ويشعر جميع المعنيين بإدارة سياسة التنمية بالأمانة أمام الله قبل أن تكون أمام القائد، وأن يكون الحوار بينهم فيما يتعلق بمستقبل المجتمع دون نفاق أو خوف، فكلهم أعضاء في فريق متساوي المسؤولية لتحقيق أمنيات المجتمع.


وإذا انحرف الإنسان عن هذا المنهج، واستعلى على الناس، فقد حُجِبَت بصيرته، ووقع في الظلمات، وخالف صفات المؤمن التي ذكرها الله في كتابه الكريم، ومن أبرز هذه الصفات:


(*) الرحمة والتواضع.. {وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا } الفرقان (٦٣) الإنفاق وكظم الغيظ والعفو.. { الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } آل عمران (١٣٤).


(*) الشورى والتكافل.. { وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } الشورى (٣٨)العدل والشهادة للحق.. { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ } النساء (١٣٥) العفو والإحسان.. ﴿ إِن تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَن سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا﴾ النساء (149) الالتزام بالقيم.. { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } النحل (٩٠) * { وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ } المؤمنون (٣).


(*) الصفح الجميل.. {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ }الحجر (٨٥) اجتناب الظن والغيبةوالتجسس..{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ } الحجرات (١٢) القول الحسن مع الناس.. { وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا } البقرة (٨٣) المائدة (٢) التعاون على البر والتقوى.. { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ }دفع السيئة بالحسنة..{وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } فصلت (٣٤).


(*) الاعتدال بين الدنيا والآخرة.. { وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ }القصص (٧٧).


(*) عدم اتخاذ الحلف بالله مانعًا للخير.. { وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} البقرة (٢٢٤) الأخوةبين المؤمنين.. {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} الحجرات (١٠) النهي عن السخرية واللمز.. { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } الحجرات (١١) الكلمة الطيبة تدفع العداوة.. {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا} الإسراء(٥٣).


(*) التواضع في التعامل مع الناس.. {ولَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} لقمان (١٨).


تلك الصفات تمثل جوهر الإيمان، وسلوك المسلم الحقيقي الذي يتبع منهاج الله في القرآن الكريم. ومن هنا، ينبغي لكل شيخ دين، وعالم، ومفكر، وقاضٍ، ومسؤول مسلم، أن يسأل نفسه: هل تتجلى هذه الصفات في سلوكه اليومي، وفي علاقاته وتعاملاته؟إن من يدّعي تمثيل الإسلام، ولا يتحلى بهذه الصفات، فعليه أن يراجع إيمانه، لأن الله قد أنذرنا في كتابه بقوله:(ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا؟ قالوا بلى، ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين) [الزمر: 71].


في الختام، وجب القول إن “منظومة القيم والأخلاق”، لا تقتصر وفقًا لرسالة الإسلام على بر الوالدين، بل تمتد إلى العلاقة الزوجية وحقوق اليتامى وضوابط الميراث والإنفاق فى سبيل الله وسلوك المسلم.

تعليقات