لم يكن قاسيًا،
بل كان رحيمًا جدًا… بطريقة خادعة.
رحل دون أن يصفع الباب،
لكنّه لم يلتفت خلفه.
كلّ شيء بدأ يتقلّص:
الرسائل،
الحديث،
الاهتمام الذي كان ذات يوم يسبق سؤالها.
وحين سألته مرة واحدة فقط
لماذا كل هذا الصمت؟
ابتسم، كعادته حين يريد أن يُطفئ الحريق دون ماء،
وقال:
"أنا فقط… مشغول."
جملة واحدة،
قالها بنبرة لا تحتمل العتاب،
فصمتت… وصدّقت.
أحبّته بصدق،
فبرّرت له الغياب،
وتحمّلت الانتظار كمن ينتظر قطارًا يعرف أنه لن يعود…
لكن يظل واقفًا، احترامًا للذكرى.
كانت تردّد في قلبها:
"هو لا يريد أن يبتعد… هو فقط مشغول."
ثم بدأت تقنع نفسها أن الانشغال شكل من أشكال الحب الناضج،
وأن الحب لا يعني أن يكون حاضرًا طوال الوقت.
لكن الحقيقة لا تجامل،
ولا تختبئ طويلًا.
اكتشفت لاحقًا أن "الانشغال" لم يكن سوى مخرجٍ ناعم للهروب،
وسادة حريرية خبّأ بها جبنه عن الاعتراف،
وغلافًا مهذّبًا لرغبة لم يجرؤ على قولها بوضوح.
لم يكن مشغولًا…
كان فقط قد اختار ألا يعود.
وكان ما يؤلم أكثر من رحيله…
هو تلك الجملة الأخيرة التي قالها بهدوء:
"سامحيني… أنا فقط مشغول."
تعليقات
إرسال تعليق