القائمة الرئيسية

الصفحات

علاء مرسي... فارس الكادر اللي راجع يسرق الأضواء من بوابة "هيروشيما"

متابعة الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر 

بزمن عم يغرق بالتكرار، وبساحة فنية صارت عم تتعب من وجوه عم تتبدّل كل يوم، بيجي اسم النجم علاء مرسي متل نقطة نور ببحر فيه عتمة كتيرة، هالاسم اللي نحفر بحروف من ذهب بتاريخ السينما المصرية، راجع اليوم وبقوة غير مسبوقة ليتصدّر المشهد من جديد، وهالمرة مش مجرد رجعة، هيدي طلّة بتزلزل، مشاركة فيها كتف بكتف مع أعمدة الشاشة المصرية بفيلم يُعتبر الأضخم على الإطلاق، فيلم اسمه لحالو بيصدم ويهزّ: "هيروشيما"، مشروع عم يتخبّى ورا الكواليس بلحظات من الترقب والتركيز، بهدوء العاصفة قبل ما تضرب، وبإشراف مخرج ما بيرحم المشهد، أحمد نادر جلال، وتأليف قلم ما بينام ولا بيغلط، أيمن بهجت قمر.

علاء مرسي، اللي دايمًا بيقدر يحوّل أي دور لبطولة حتى لو ما كان كاتب عالورق "بطولة"، هالمرة داخل لعبة الكبار من بابها العريض، بفيلم اسمه لحالو كفيل يشدّ الأنظار: "هيروشيما"، ووسط أسماء تقيلة مثل أحمد السقا، دياب، ياسمين رئيس، حنان مطاوع، أحمد رزق، ناهد السباعي، وعمرو عبد الجليل، بيجي علاء مرسي مش ليكمل الطاقم، بل ليكون علامة فارقة، حجر أساس ما بينفع الفيلم يوقف بدونه، لأن علاء مش ممثل، علاء حالة فنية، نكهة مش موجودة غير عنده، روحه عالشاشة بتخلق توازن سحري بين التراجيديا والكوميديا، بين الجنون والعقل، ووجوده بأي عمل بيضيف كتير أكتر ما بياخد.

وإذا قلنا "هيروشيما"، ما فينا إلا نتوقف عند أهمية الاسم، اسم بيدل على انفجار، على قنبلة فنية عم تتحضّر تنفجر بوجه الجمود، ومع وجود مخرج متل أحمد نادر جلال، صاحب الرؤية الجريئة والديناميكية، ما منستبعد أبداً نشوف علاء مرسي بصورة جديدة، صورة ما تعوّدنا عليها، يمكن نضحك، يمكن نبكي، يمكن نحتار، بس أكيد رح ننبهر، لأن علاء بيعرف كيف يلبس الدور ويمشي فيه متل ما بيمشي الحبر على الورق، بسلاسة، بذكاء، وبحس مرهف.

المنتج أيمن بهجت قمر مش ناوي على عمل عادي، وبفيلم بهالحجم، وبهالكم من النجوم، واضح إنه "هيروشيما" مش مجرد فيلم، بل حالة فنية رح تترك بصمة عميقة بكل اللي بيحضره، وبمشاركة علاء مرسي، اللي بيحمل بجعبته رصيد غني من الأدوار واللحظات اللي ما بتنتسى، نحنا قدام تحوّل يمكن يغيّر قواعد اللعبة، لأن الرجعة بهالشكل، بهالرقي، وبهالذكاء، مش صدفة، بل نتيجة شغل وتخطيط وإيمان بموهبة ما بتنطفي.

والمفارقة إنه بنفس التوقيت، المؤلف أيمن بهجت قمر عم يقدّم كمان فيلم تاني بعنوان "طلقني" من بطولة كريم محمود عبد العزيز ودينا الشربيني، ومن إخراج خالد مرعي، واللي بيجسّد التعاون التالت بين هالثنائي بعد نجاحاتهم السابقة، بس بالرغم من تعدد المشاريع، واضح تمامًا إنه "هيروشيما" هو المشروع اللي محطوط تحت المجهر، هو البوابة اللي رح تغيّر الخارطة، ومشاركة علاء مرسي فيه مش صدفة ولا خيار عابر، هي رهان على طاقة متفجرة، على ممثل بيعرف كيف ينحت بالعين والابتسامة والصمت.

علاء مرسي اللي بيحمل بعيونه حكايات، وبصوته نغمة بتشبه موج البحر، راجع، بس مش بس راجع، هو جاي يعيد ترتيب المشهد، يفرض حضوره، ويصرخ للعالم إنه "لسّا عندي كتير ما قلتو"، وإذا "هيروشيما" هو العنوان، فحضوره هو المحتوى، هو اللي رح يخلي المتفرج ينسى نفسه قدام الشاشة، ويندمج بدور مرسوم بإتقان، ومجسّد بروح فنان بيشتغل من قلبه مش من سكريبت.

وما فينا نختم من دون ما نقول إن السينما الحقيقية بتحتاج لممثلين حقيقيين، وعلاء مرسي هو من القلائل اللي بيقدروا يخلوا الجمهور يحس ويفكر ويضحك ويبكي بنفس اللحظة، وإذا كانت بداية الفيلم بلشت من كواليس "اللمسات الأخيرة"، فنحنا كجمهور بانتظار اللحظة الأولى يلي فيها بيطلع علاء مرسي على الشاشة، ويتركنا نغرق بجنونه، برزانته، وبسحر حضوره.

تعليقات