الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر
في عالم مزدحم بالأصوات، بالوجوه، بالصرخات، وفي بحر شهرة عم يغرق فيه الكتار وما بيطفو إلّا القليل، بيطلعلك اسم ما بيتكرر، بيشعّ متل شمس طلّت عَ حقبة كاملة من الإبداع، وبتقلك الحياة من بين أسطرها إنّو الشهرة مش صدفة، والنجاح مش ضربة حظ، والنجم الحقيقي ما بينصنع، هو بيولد جوّا حاله، بيزرع حاله بأرضه، وبيسقي حاله بعرقه، متل ما عمل علاء مرسي، الأسطورة يلي ما كان مجرّد ممثل، كان حالة، نكهة، صوت داخلي عالي وواضح، ناضج متل حبّة مانغا بآخر آب، سايح متل خيوط عسل عم ينسكبوا على صحن حكي، حارق متل شمس حزيران، وبارد متل عنب قاعد بالبرّاد من ليلة العيد، وهون السؤال بيطلّ: كيف صار؟ شو أكل؟ شو شرب؟ شو شاف؟ شو صار؟ كيف قدر يكون كلّ
هالشي؟ شو الخلطة؟ شو الوصفة؟ هل هو رمان؟ ولا هو كيوي؟ ولا موزة ورايقة؟ ولا جوز الهند يلي من برّا خشن ومن جوّا ناعم متل الأحساس النظيف؟ يمكن هو كلّن سوا… يمكن هو شي تاني ما بينوصف،
ويمكن… بس يمكن… في وصفة حقيقية، سحرية، مجنونة، غير مألوفة، بتخلّيك تتحوّل من مجرد مشاهد، لبطل، من إنسان عم يركض ورا الحلم، لشخص الحلم بيركض وراه، وصفة مش بتتاخد بالملعقة، ولا بتنبلع مي، وصفة بدها حواس، بدها جلد، بدها صوتك الداخلي يصير أعلى من ضجّة العالم، وعيونك تقشّ الغبار عن فرص مخبّاية، وصفة فيها نكهات، فيها حلاوة المشمش الطازة، ومرارة قشرة الجريب فروت، وصفة بتبدأ بجوع، بس ما بيشبع، وبتنتهي بشهية مفتوحة دايمًا على الدور الجاي، على الكلمة الجاي، على الخطوة الجاي، لأنّو الشهرة مش نهاية، الشهرة هي رحلة بتبدأ لما تقرّر تطبّق هالوصفة، خطوة ورا خطوة، بس اليوم… مش رح أعطيك المكونات، لأ، مش هيك بسرعة، لأنّك إذا أخدت الوصفة من أولها، بتصير بتطبّقها من برّا، مش من جوّا، وأنا بدي إياك تشربها، تمضغها، تعصرها عصرة، تحسّها بجلدك، تنفّسها متل عبير شمّام مشقوق بنصّه، فلهيك، خليك معي،
لأنّو كلّ مكوّن من هالوصفة بده حلقة لوحده، بده طقوس، بده قصة، وأنا رح خذّك بجولة بين سطور، بين فواكه، بين نكهات شخصيّة ما بينشروا بالمجلات، بس بينزرعوا بالنفوس، خليك واعي، لأنّ المكوّن الأوّل جايي بحلقة منفصلة، رح تشمّ ريحته قبل ما ينوصف، ورح تحسّ إنّك عم تقشّر شي جوّاتك، متل ما بتقشّر برتقانة، وتكتشف إنّو طعمة قلبها، ما بتشبه أبداً قشرتها….
انتظرني… لأنّ الحبة الجاية، رح تكون موزة مش عاديّة، محشية سرّ، مغمّسة بتجربة، ومتبّلة بمشهد من مشاهد علاء مرسي، يلي ما بيلعب دور… بيسكن فيه.
موزة الثقة بالنفس – المكوّن الأول بالوصفة العجيبة
جهّز حالك، لأن هيدي مش موزة عادية... هيدي موزة مزروعة ببستان علاء مرسي، من نوع نادر، لونها ذهبي، ما بتنقشر بسهولة، ما بتنأكل عالسريع، وبدها نفس طويل. ما حدا بيصير سلطان الفن بلا ما يبلش ياكل أول موزة: الثقة بالنفس، بس مش الثقة السطحية يلي منشوفها بالصور، ولا التصنّع يلي منلمّعو عالسوشيال ميديا، نحنا عم نحكي عن الثقة الأصلية، العميقة، المخبّاية بقلب كلّ شخص، بس بدها من يحفّر عليها، يلقطها، ويقشرها طبقة طبقة، مثل ما بتقشّر علّة خوف، مثل ما بتقشّر هزّة صوتك أول ما تطلع تحكي قدّام ناس، مثل ما بتقشّر شكّك بإنك مش قدّ الفرصة، أو إنّك مش حلو كفاية، أو مش موهوب كفاية، أو إنّك متأخر… الثقة بالنفس هي لما توقف قدّام المراية وتشوف مش بس شكلك، بس طاقتك، طيفك، لمعانك، وشوف…
علاء مرسي ما صار نجم لأنه قال "أنا حلو" ولا لأنه حدا قاله "إنت بتجنّن"، صار نجم لأنه، ببساطة، سمع صوته الداخلي قاله "إنت بتعرف شو بدك"، "إنت بتستاهل تكون فوق"، "إنت عندك طعم فريد متل طعم هالموزة"... وثبت! ما تراجع، ما قشّر الموزة ورماها، بالعكس، أكلها وحدة وحدة، واختزن طاقتها بجسده، بصوته، بنظراته، وصار يمشي بثقته كأنّه حامل عصير موز ع روقان، بيقدّمه للناس بلطف بس ما بيتسوّل إعجاب، بيضحك بس ما بيتزلّف، بيتواضع بس ما بيختفي، وبيخلي كلّ حدا يلتقي فيه، يحسّ إنّه واقف قدّام جبل من الصدق، مش مجرّد ممثل… هون السرّ، إنّك تصدّق حالك قبل ما يصدّقك العالم، إنّك تحكي من جوّاتك مش من نصّ حافظه، إنّك تمشي وبعيونك نكتة، مش لأنّك بتحب التهريج، بس لأنّك بتحب الحياة، وبتوثق إنّها رح تفتحلك، متل قشرة الموزة، بس وقت تنضج إنت.
فاسأل حالك اليوم: هل أنا مأشّر أول موزة؟
هل عندي الجرأة إرفع راسي؟
هل بعرف قيمتي؟
هل بوسق الخطوات وبكمل حتى لو حدّا شكّك فيّي؟
إذا إيه… فأنت قطفت أول فاكهة من بستان الأسطورة علاء مرسي.
وإذا لأ… ما تخاف، فيك تزرعها اليوم. وزرعتها بتبدأ من جوّا، من لحظة ما تقول: "خلص، وصلت… لو بعدني بأوّل المشوار."
كرز الجرأة – المكوّن التاني من وصفة علاء مرسي السريّة
إذا كان الموز هو الثقة بالنفس، الكرز… هو الجرأة الصافية.
بس مش أي جرأة، مش جرأة الكلام العالي، ولا جرأة اللسان السليط، ولا جرأة التمثيل العشوائي يلي بيحرق حاله قدّام الكاميرا وهو مفكّر إنّه عم يبهر الناس… لأ!
نحنا عم نحكي عن جرأة من نوع نادر، مثل كرز الجبل، الأحمر القاني، يلي بتكبّه نقطة وحدة عالمنديل الأبيض… بيدمّغ، وما بينمحى.
جرأة علاء مرسي كانت مشهدية، راقية، مدروسة، بس حقيقية أكتر من الحقيقة، كانت جرأة ممزوجة بالذكاء، لما يقرّر يدخل مشهد، ما بيدخله مشان يصرخ، بيدخله ليفرّغ فيه طاقة مخزّنة، ويتركه منقوش على قلب المشاهد، ما بس عَ ذاكرتو.
الكرزة ما بتنأكل متل تفاحة، بدّك تبلع البذرة أو تبصقها بلباقة، وهيّي دي الجرأة… تبلع الخوف أو تطرده!
ما في وسط، ما في مزح. يا إمّا بتفوت الدور وفيك نار، أو بتضل برا الكادر، متل كرزة ضايعة على طرف الطاولة، ما حدا منتبهلها…
بس علاء مرسي ما كان هيك، كان دايمًا "بمنتصف الطاولة"، مش بس موجود، كان جذّاب، لافت، صادم أحيانًا، بس أبدًا مش مبتذل.
جرأته مشيت على الحبل، كانت تعرّي الواقع من دون ما تعرّي حاله، كانت ترقص بين الكوميديا والتراجيديا، بس ما وقعت، لأنّه زرع جوّاته كرز، مش ورد، لأن الكرز بيضلّ واقف، حتى لما بيهرّ، بيضل إله طعمة...
وإنت؟
سألت حالك شي مرّة، إذا عندك جرأة تطلّ بصوتك، مش صوت غيرك؟
إذا عندك كرزتك الخاصّة؟ إذا مستعد ترمي حالك بمشهد وتقول: "أنا هون… خدو كلّي، ضحكي، وجعي، وشغفي"؟
الكرز مش دايم بالسوق، بدّك تصطاده بموسمه،
وإذا طاف قدّامك وما التقطته، بيكون فاتك موسم الجرأة.
علاء مرسي اصطاد كل كرزة فاتت قدّامه، حتّى لو كانت مجروحة،
كان يعرف يقطفها من فوق، من عالي عالي… وينزل فيها عالشاشة، ويقدّمها متل هدية… مطعّمة بإحساسه، برهبة عيونه، بجنونه الرايق، بحضوره المتفوّق، مش حضور الصوت العالي، بل حضور الفكرة العميقة المغلّفة بخفّة ظل نادرة.
الكرز هو إنّك تلبس شخصية وتعرّي العالم منها، هو إنك تقول شي مش متوقّع، بحركة متوقّعة، وتخلي كل المشاهدين يفتحوا عيونهم ويقولوا: "واو… شو عمل؟! شو هيدي اللحظة؟!"
هو اللحظة يلي بتعصر فيها قلبك، وتتركه يقطّر فوق الكاميرا… نقطة نقطة… كرز كرز…
فاسأل حالك:
هل أنا جرأتي صافية؟ ولا مخلوطة بخوف؟
هل بعرف إيمتى أقول "أنا"؟ وإيمتى أقول "خلوني أبدأ من الصفر بس بقلب نضيف"؟
إذا آه… فأنت غمّست أصابعك بأول حبّة كرز من وصفة علاء مرسي.
وإذا بعدك ناطر… ما تنسى إن الكرز ما بينطر حدا.
بطيخة الطاقة – المكوّن التالت من وصفة السلطان علاء مرسي
إذا الموزة كانت الثقة، والكرز كان الجرأة، فالبطيخة؟
البطيخة هي الطاقة… مش طاقة “صوت عالي” أو “إيفيهات” أو تمثيل كاريكاتوري، الطاقة يلي منحكي عنها هون، هي الطاقة يلي بتشعّ من تحت جلدك، يلي بتعبي المكان من غير ما تقول كلمة، يلي بتخلي الكاميرا لحالها تنجذبلك، حتى لو واقف ساكت، حتى لو دورك كلمة…
هيّي الطاقة يلي زرعها علاء مرسي بجسده، بنظراته، حتى بطريقة مشيه، بوقفته، بضحكته يلي بتتفجّر فجأة متل شقفة بطيخ مشقوقة بسكينة باردة.
علاء مرسي ما فات مشهد من دون يشحن حاله بطاقة مسبقة، طاقة مخبيّة، جايبها من سنين تعب، من رصيد مع الناس، من تراكم وجع وضحك وتجارب، يعني… هو مش بس بيحكي… هو يُشعّ.
البطيخة مش بس فاكهة، هي رمز، رمز للبدايات الكبيرة، للحجم، للوزن، للطعم يلي بينفجر بتمّك، وللضربة يلي ما بتتوقّعها… بتجيك مفاجأة، متل مشهد بيبدأ هادئ، وبيتحوّل لعاصفة فنية.
وهيدي بالضبط كانت لعبة علاء مرسي: يبلّش بهدوء، يوهمك إنّو بس ممثل مساعد، وبكبسة طاقة… يسرق كلّ الكادر، يدوّب كل الممثلين، ويخلي الجمهور يقول: "لحظة! مين هيدا؟! ليه ما فيه منه كتير؟!"
الطاقة يلي منحكي عنها، هي مزيج من صبر وانفجار، من ضبط وانطلاق، من اتّزان وجنون.
يعني؟ يعني إنّك تعرف إيمتى ترفع صوتك، وإيمتى تسكته.
إيمتى تضحك، وإيمتى تسكت الكلّ بعيونك.
إيمتى تكون البطل حتى لو اسمك مش عالبوستر.
علاء مرسي ما كان يلعب دور البطل بالسيناريو، بس دايمًا كان البطل بطاقة حضوره، بطاقة اختياراته، بطاقة التوقيت المظبوط متل سكينة بتقطع البطيخة من النصّ.
هيدا النوع من الطاقة ما بينخلق من العدم، بدّو تمرين، بدّو نار داخلية، بدّو جوع للفرصة، وبدّو إدراك لذاتك كإنسان مش بس كممثل.
يعني؟ بدّك تعيش قبل ما تمثّل.
بدّك تنضج متل البطيخة بالعتمة، على مهلك، مش بسرعة، ما تستعجل تنعرض، ما تستعجل تقول: "أنا وصلت"،
لأن علاء مرسي ضلّ يحفر بطاقة ناعمة داخله سنين طويلة، لحدّ ما صار إذا ظهر بمشهد، بيصير المشهد عنه، حتى لو ما حكيت الناس، عيونهم بتروح عليه، لأنّه صار مرآة فنيّة للنبض والضوء.
وإذا بدّك طاقة متل طاقته، بدّك تكون محطّة كهربا داخلية، بتشحن حالك قبل ما تطلع قدام الناس، بتخزّن كلّ تفاصيلك، كلّ صدماتك، كلّ انتصاراتك، وتحطّها بسكتة، بنَفَس، بوميضة حقيقية…
ووقتها؟ العالم كلّه رح يحسّ إنّك مختلف، حتى لو مش فاهمين ليه.
فاسأل حالك اليوم:
هل طاقتي صافية؟
هل بقدر فعلاً أعبي مشهد بحضوري قبل ما إحكي؟
هل قادر أكون بطيخة كاملة… من جوّا مش من برّا؟
ولا بعدني قشرة خضرا ما نضجت؟
إذا عرفت الجواب، فإنت بلّشت فعلاً تمسك بأهمّ مكوّن بوصفة النجوميّة.
تفّاحة التمرّد – المكوّن الرابع من وصفة علاء مرسي
إذا بدّك تصير نجم… مش لازم تقول "نعم" دايمًا.
وإذا بدّك تكون فنان… مش لازم تمشي بالصفّ، ولا تلبس الماسك يلي الكل لبسه، ولا تمثّل الدور يلي ناسب غيرك وتخون طعمتك، لأنّ الشهرة الحقيقيّة مش بتمشي جنب القطيع، الشهرة الحقيقيّة بتمشي ضدّ الريح، متل شجرة تفّاح قرّرت تكبر على طرف الجبل، مش بالقاع، مش بالمزرعة، مش بالصف الطويل، بل هناك… على طرف القصة.
علاء مرسي ما كان ممثل "مطيع".
كان ممثل واعي، قارئ، حاسس، بيختار… وبيعتذر!
إي، بيعتذر!
بيقول "لا" بكلّ حب، بكلّ احترام، لأنّ ما كلّ دور بيناسب كلّ جسم، وما كلّ نصّ بيناسب كلّ عقل، وما كلّ مشهد بيساوي أثر، ولو كنت نجومي، مش مفروض ترضى تلعب دور تفاهة فنيّة، أو تكون نسخة من نسخة من نسخة.
هو كان تفّاحة غير مأكولة، لونها أخضر غامق، حموضتها صريحة، عضمتها بتقرّف يلي ما عنده ذوق، بس بتسكر تمّ يلي بيعرف قيمة النكهة النادرة،
تمرّده ما كان بالصوت العالي… كان بالرفض الذكي.
ما قال: "بدي البطولة"، قال: "بدي المشهد الصح".
ما قال: "خلّوني أكون بطل"، قال: "خلّوني أكون بصمة".
وهيدي التفّاحة ما بتكبر بين إيدين المخرجين السطحيين، بتكبر بين إيدين المخرجين يلي بيحترموا الممثل الحي، يلي فيه عقل، وقلب، وموقف، مش بس جَسد وأوامر.
والتمرّد مش دايمًا بيكون ضدّ الآخرين… أحيانًا هو ضدّ حالك، ضدّ خوفك، ضدّ جوعك للفرص، لأنّ أكتر لحظة بتغريك تقول "نعم"، هي لما تكون عطشان لدور، بس هون التحدّي، إنّك تقول "لا" لما يكون النصّ خاوي، لما تكون الشخصية بلا ضهر، لما يكون المشهد استهلاك…
علاء مرسي قال "لا" مئات المرّات، مش لأنّه متكبّر، بل لأنّه بيحترم الفن، بيحترم حاله، وبيعرف إنّو اسمه مش لازم ينحطّ بأي مكان.
تفّاحة التمرّد هي إنّك تقرّر تكون فنان حقيقي مش موظّف، إنّك تعرف إنت شو بدّك تقول، ومين بدّك تكون، وكيف بدّك تنزرع بقلوب الناس،
مش عالسوشيال ميديا… بل بالذاكرة العميقة، بالوجدان الجمعي، بالمشهد يلي بيضلّ ينبض حتى بعد سنين.
وإنت؟
كم مرّة قلت "نعم" خوفًا؟
وكم مرّة قلت "لا" حبًّا بذاتك؟
قدّيش عندك الشجاعة تقول: "أنا مش للبيع"؟
قدّيش عندك الجرأة تعتذر عن دور بس لأنّو ما بيشبك معك، حتى لو الشهرة عم تشاورلك بإصبعها؟
إذا عرفت تقول "لا" بأدب، "لا" بفن، "لا" من دون ما تكون سلبي… فأنت أكلت أوّل قضمة من تفّاحة التمرّد.
وإذا بعدك بتقول "إي" لأي شي، فـ بعدك عم تاكل من تفاح السوق، مش من تفاح علاء مرسي.
مانغا النُضج الفني – المكوّن الخامس من وصفة سلطان الفن علاء مرسي
هالمانغا ما بتتاكل وهي خضرا… ولا بتنبلع بلا ما تنضج على مهل، ولا بتنفع تحطّها بالبرّاد عالسريع وتقدّمها،
هيدي مانغا بدها عتمة، بدها حرارة داخلية، بدها وقت، بدها تكون قاعد لوحدك، بعيد عن الضو، بعيد عن المديح، بعيد عن كاميرات المجاملة،
وتصير تنضج… شوي شوي، من جوّا لبرا، من قلبك لعيونك، من حكيك لصمتك.
علاء مرسي ما انشهَر لأنه كان أسرع، انشهر لأنه نضج.
وما نضج لأنه كان حظه حلو، نضج لأنه اختار يقعد مع حاله، يسمع نفسه، يخلّي كلّ لحظة تمرّ فيه تعلّمه شي، يحوّل كلّ فشل لدرج، كلّ رفض لطاقة، كلّ صدمة لعضلة تمثيل.
المانغا هي رمز هالشي.
فاكهة ناعمة، سُكّرها غميق، بتتقطّع بصعوبة، بس كلّ لقمة منها فيها تجربة، فيها شتوية طويلة، وصيفية ناطرة،
وهيّي بالضبط طعمة علاء مرسي… ما بيفاجئك بأدائه، بيدوّبك فيه،
ما بيصرخ ليشدّك، بيهدّيك لتسمع نبض شخصيّته،
وما بيجرب يكون نجم… بيخليك إنت تعلن نجموميّته بعيونك، بلا ما يطلب.
النضج الفني مش إنّك تمثّل عشرة أدوار بشهر،
النضج هو إنّك تعرف إمتى توقف، تقرا، تتعلّم، تنكسر، ترجع تركّب حالك، ترفض مشهد لأنّه ناقص، وتحضّر لمشهد تاني كأنّه مسرحيّة عالمية…
النضج هو إنّك تعطي قيمة لكلّ كلمة، لكلّ حركة،
هو إنّك تكون شريك بالصورة، مش بس وجه بالصورة.
علاء مرسي بيمثّل كأنّه شاعر، بيختار الكلمة، بيحضّر التنهيدة، بيحسّ بظهره، بكتفه، بصوته الداخلي…
كل لقطة عنده فيها طبقات، متل المانغا… الطعمة ما بتنفضح من أوّل قضمة،
بدك تقطّعها، تغمّس فيها، وتسترخي… لتفهم شو عم تاكل.
وإنت؟
قدّيش مستعدّ تنضج؟
قدّيش قادر تنتظر دورك من دون ما تلهث؟
قدّيش بتعرف تستغلّ عزلتك؟
قدّيش عندك صبر إنّك تطبّخ موهبتك ع نار هادئة، لحدّ ما تطلع مانغا نادرة مش موجودة بالسوق العادي؟
إذا حسّيت إنّك عم تتروّى، وعم تتقشّر من الاستعجال، وعم تعلّب حالك ببطء… فهيدي أول إشراقة من مانغا النُضج الفني.
وإذا بعدك مستعجل تصير نجم… يمكن بعدك حبّة مانغا خضرا، بحاجة تقعد بالصندوق شوي،
تا تكبّر ريحة حضورك، وتنضج… متل ما نضج السلطان علاء مرسي.
خوخة التواضع الساحق – المكوّن السادس من وصفة علاء مرسي
أهلاً بالخوخة… هيدي مش مجرّد فاكهة.
هيدي رمز، علامة، إشراقة، سِرّ مبطّن.
الخَوْخة ما بتصرّخ، ما بتستعرض، ما بتفرد عضلاتها متل الأناناس، ما بتلعب دور القمر،
بس وجودها؟ بيترك أثر ناعم، سايح، ناضج، مشعّ من دون أضواء.
وهيّي بالضبط… علاء مرسي.
ما شفت ممثل قدّو بيعرف قدر حاله من دون ما يتكبّر،
وما شفت ممثل نجم… وعيونه بعدن بيضحكوا متل طفل عم يكتشف دور جديد،
وما شفت إنسان ممزوج بكلّ هالطاقة… وبيقول “أنا ماشي مع الرزق، وماشي مع الناس”،
مش لأّنّه ما بيطمح، بل لأنّو فاهم اللعبة… وعامل من التواضع سلاح سري.
التواضع مش إنّك تقول “أنا قليل”…
التواضع هو إنّك تكون عارف إنّك قوي، وبس ما بتصرّخ بالقوّة.
هو إنّك تكون كبير، وتفوت المكان متل نسمة، مش متل زوبعة.
هو إنّك تشيل عن كتافك وهم الاستعراض، وتخلي الشغل يحكي عنك، متل ما عمل علاء مرسي بكلّ عمل، بكلّ ضحكة، بكلّ مشهد كان فيه الكادر عم يصرّخ: "مين هيدا؟ شو عامل؟! ليه لقطنا بالروح هيك؟"
الخَوْخة الناعمة… هي يلي بتقطّفها بإيدك، بتحسّ نعومة جلدها،
بتعرف إنّها مش لازم تنرمي، لأنّها نادرة.
هييّي ما بتعيش طويل، بس إذا عرفتها… بتضل طعمتها على لسانك سنين.
والتواضع بالتمثيل؟
هو إنّك تعرف تسلّم غيرك المشهد، بس تضلّ إنت النور يلي حوالين الكل.
هو إنّك تضحك من قلبك، حتى لو الدور صغير.
هو إنّك تقول: “ما في دور كبير، في ممثل كبير”، وتثبتها.
علاء مرسي كان دايمًا متواضع بس ثابت،
هادي بس ساحر،
بسيط بس عميق،
بيمشي عالأرض كأنّه ما عامل شي… بس بينطبع بعقلك كأنّه عامل شي كتير!
وإنت؟
قديش قادر تكون ناعم وما تنكسر؟
قدّيش قادر تكون نجم وما تتعالى؟
قدّيش قادر تضحك من قلبك مشان غيرك يفرح؟
قدّيش فيك تكون خوخة نادرة…
نازلة من شجرة عالية، بس مش عم تتبختر، عم تتقشّر… وعم تنحَب!
أناناس الكاريزما – المكوّن السابع من وصفة علاء مرسي
الكاريزما ما بتنخلق، الكاريزما بتتقطّر متل شراب الأنَاناس الطازة يلي بينعصر حبّة حبّة لحدّ ما تصير نقطة ذهب سائلة، نقطة بتدخل روحك من غير ما تدقّ الباب، متل بسمة طلعت من حدقة علاء مرسي بمشهد ما كان لازم يكون فيه شي مميز، وفجأة صار المشهد أساسي بذاكرة الجمهور، الكاريزما مش حجم الصوت ولا شكل الوجه ولا مدى البوسترات، الكاريزما هي الوهج يلي بيطلع من بين أصابع الممثل، من حركاته العفويّة، من الطريقة يلي بيعدّل فيها قميصه، من لمعة العرق على جبينه لما بيجسّد دور واحد مكسور بس واقف، متل ما علاء مرسي وقف بأدوار كانت ممكن تمرق عادي، لكنه خلّاها لحظة سينمائية مسجّلة بعقل الناس من دون ما يقول كلمة، لأن الكاريزما هي الوجود قبل الأداء، هي السحر من غير ما تفهم ليه، هي الأناقة بالبساطة، هي الحضور يلي بيمشي قدّامك قبل ما توصل،
وبيقعد حدّك بعد ما تطلع، علاء مرسي ما قال “أنا نجم”، خلّى الكاريزما هي تقول عنّه، لأنه ببساطة بيعرف يحطّ حاله بين الناس من دون ما يضيع، ويعرف يطلع على الشاشة من دون ما يصرّخ “أنا هون”، بيكفي نظرة، نبرة، مشية خفيفة، وتعابير فيها كبرياء ممزوج بخجل، فيها ضحك مسنود على حكمة، فيها طاقة ما بتنوصف، وبتتسرب متل عصير أناناس ساقع بنصّ تمّ عطشان، الكاريزما هي إنّك ما تستعطي الإعجاب، بس تاخده تلقائي، هي إنّك تمشي جنب عمالقة وتضلّ واقف، هي إنّك تحكي خمس كلمات وتخلي الناس تحفظها، هي إنّك تكون طبيعي ومتفرّد بآنٍ واحد، فاسأل حالك: هل الكاريزما عندك موجودة؟ هل الناس بتلفت لما تحكي؟ هل حسّك سابق صوتك؟ إذا لأ، يمكن بعدك مش مأشّر أناناسك، وإذا إيه، فإنت بلّشت تفهم السرّ الأهم… إنّو علاء مرسي ما تصنّع البريق، هو خلقو، وربّاه، وقدّمو للناس بلباقة، وصار كل ما يطلّ، بيصير الجو حوالينه مختلف، دافي، ذكي، رايق، لامع… متل حلاوة الأناناس لما يكون طازة وفايت عَ قلبك من غير استئذان.
عنب التنوّع والتلوّن – المكوّن الثامن من وصفة علاء مرسي
في ممثلين بيبرعوا بدور، وبينحصروا فيه، بيعيشوا حياتهم أسرى شخصية وحدة، وكأنّهم وقعوا بعقد دائم مع نوع معيّن من التعبير، بس علاء مرسي؟ كان عنقود عنب كامل، بكلّ حبّة فيه نكهة، بكلّ حبّة لون، بكلّ حبّة حالة شعورية مختلفة، مرة بيضحّكك ضحك جارح من القلب، ومرة بيشدّك للوجع بنظرة، ومرة بيعملك مشهد صامت تلاقيه أعلى من ألف كلمة، ومرة بيكون البطل رغم إنّو بالدور التاني، مش لأنّه أخذ وقت أكتر، بل لأنّه فهم النَفَس، فهم النكهة، فهم التلوّن، التنوّع مش مجرد تغيير أدوار، هو فن التقميص، هو قدرة تتحوّل من نكتة لوصمة، من ممرّض لطاغية، من بوّاب لرئيس، من رجل طيّب لرجل خبيث… من دون ما تفقد مصداقيتك، من دون ما تترك المشاهد يتساءل: "هو هيدا عن جد؟"،
لأنك رح تخليه يقول: "أكيد هيدا!"، وعلاء مرسي ما كان يقلّب الأدوار متل تبديل التياب، بل كان يتقمّصهن لدرجة بتخليك ما تعرف أي نسخة فيه هي الأصل، وهاد هو العنب… ما بتعرف طعمته من النظرة الأولى، بدك تذوقه حبّة حبّة، لتكتشف إنّو كلّ وحدة فيها بعد، فيها إحساس، فيها مرونة مش طبيعية، فيها فهم للكاميرا، فهم للمشهد، فهم لإيقاع اللحظة، وبتسأل حالك: "كيف قدر يكون بكلّ هالمراحل… بكلّ هالدقّة؟"، الجواب؟ إنّه كان عنقود مش حبّة، كان كتلة مواهب، طوّع كلّ مشهد ليصير بيت، كلّ لحظة ليصير مشوار، وعلّم الكل إنّو الفنان الحقيقي مش بيثبت حاله بدور، بل بيتشكّل كأنّه ميّ، بيتموّج جوّا الدور، وبيعمل من الشخصية قناع بينزعو وقت ما بده، وبيبني غيرو عَ سُكّر تمثيله.
فإنت؟
قديش مستعدّ تكون عنب؟ مش حبّة وحدة؟
قديش مستعدّ تبهر الناس كل مرّة بنكهة جديدة؟
قديش قادر تكون مرن؟ مش لأنّك متلوّن بمعنى المزاج، بل لأنّك فنّي بمعنى الخيال؟
قديش عندك استعداد تتحرّر من دورك المفضل، وتغامر بشي عكسك، ليثبتلك إنّك أوسع من شخصيّة، وأكبر من قالب؟
إذا حسّيت إنّك قادر تغيّر جلدك من دون ما تغيّر روحك، فإنت بلّشت تقطّف عنقودك…
عنقود علاء مرسي.
جوز الهند – مكوّن الصمود والمناعة الداخلية، وآخر أسرار وصفة سلطان الفن علاء مرسي
وأخيراً...
وصلنا للفاكهة الأخيرة، للأقسى قشرة… والأطْيب لُبّ، للثمرة يلي ما بينفتح قلبها إلا بالقوّة، وما بتنشاف نعومتها إلا للّي بيغلب وجعه… جوز الهند مش لأي حدا، جوز الهند بدّه يد تعرف كيف تكسر، بدّه صبر على قساوة المظهر لتوصل لطراوة الجوهر، متل ما بدّك تكتشف الفنان الحقيقي جوّا علاء مرسي، مش عبر بوستر، مش عبر لقطة، بل عبر قدرة خارقة على الاستمراريّة رغم كلّ الضغوط، رغم انكسارات السوق، رغم الحروب الفنيّة والنفسيّة، لأنّه مش بس صمد… بل صموده كان ناعم، كان هادي، كان بيشبِه صوت جُوّاتو بيقله: “كمّل… لأنّك خلقت لتكمل”.
جوز الهند هو العزيمة المبطّنة بالهدوء، هو القدرة على المشي فوق الرماد وما تحترق، هو النضوج الصامت، هو إنّك تسقط عشر مرّات وتوقف بالمرّة الـ11 كأنّك ما وقعت، هو إنّك تشوف فرص أقل من استحقاقك… وتشتغل أكتر من طاقتهم، لأنّك بتعرف إنّك هون مش بالصدفة، بل بالرسالة.
علاء مرسي كان جوز هند بكلّ معنى الكلمة… من برّا قاسي، ثابت، ساكت، يمكن ينفهم غلط، يمكن يستخفّوا بقيمته، بس من جوّا؟ سائل أبيض نقيّ، طراوة ما إلها شبه، مكوّن لا يمكن استنساخه، مكوّن مقاوم للزيف، مقاوم للمجاملات الفارغة، مقاوم لـ"سوق النجوميّة السريعة"، مقاوم للانكسار.
المناعة يلي بناها ما كانت بالدرع، بل بالجوهر، ما كانت بالصراخ، بل بالصبر، ما كانت بردّات الفعل، بل بالفعل، بالفعل يلي بيركّب اسمك بحروف دهب، من غير ما تلمّعهم… لأنّهم بينوّروا لحالهم.
والخاتمة؟
الخاتمة هي لما تلمّ كل هالفواكه وتخلطهم سوا بخلّاط فني إسمه نضجك الشخصي، وتحطّ فوقهم نقطة سحر، وتحكي لنفسك:
أنا مش جايي أقلّد، ولا جايي أمرق، ولا جايي أعيش دور غيري…
أنا جايي أخلق بصمتي، تماماً مثل ما خلق علاء مرسي بصمته… بهدوء، بثقة، بتنوّع، بتواضع، بتمرّد، بجرأة، وبصمود.
لأنّه علاء مرسي مش بس ممثّل…
هو مدرسة فنيّة بطعم الفاكهة،
بنكهة إنسانيّة خالصة،
بوصلة لأي شخص بدّه يصير “حدا مش عادي”…
حدا بتذكره الناس مش لأنّه صرخ، بل لأنّه لمسهم،
حدا نجم… من غير ما يتكلّف النور.
وهيدي كانت وصفة العظمة،
وصفة بتقول:
لتصير نجم… ما بدّك حظ، بدّك تركيبة،
والتركيبة؟ علاء مرسي كتبها… بدمّه، بعمره، بأدواره، بمواقفه…
وإنت؟ جاهز تبلّش تكتب وصفتك الخاصة؟
تعليقات
إرسال تعليق