القائمة الرئيسية

الصفحات



                      ظاهرة اللباس الخليع في صفوف الشباب

                     حين يتحول الجسد إلى سلعة في المزاد ...!


بسم الله الرحمن الرحيم

وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (سورة النحل، الآية 112).


ها نحن اليوم ، نعيش مشهدا غريبا ... مشهدا ينخلع له القلب قبل العين ، في زمن فقد فيه الكثيرون البوصلة الأخلاقية والدينية ، وأضحى الجسد هو العنوان الوحيد الذي يتصدر المشهد في الشارع والمقهى والسوق والشاطئ والمهرجانات ، بل حتى في محراب العبادة أحيانا ...!


صرنا أمام ظاهرة مُستفحلة من التفسخ الأخلاقي والتبرج الفاضح ، حيث خرج اللباس عن معناه الجميل في ستر الجسد وزينته ، ليتحول إلى وسيلة لاستعراض "اللحم الأبيض المتوسط"، في مشهد يشي بإنهيار تربوي خطير.

 فتتساءل بينك وبين نفسك : أي مجتمع هذا الذي صار جسد المرأة فيه بضاعة تُعرض على الأرصفة قبل واجهات المحلات؟


نعم ... صار اللحم مكشوفا مباحا للعيون الجائعة والأنفس المريضة. بنطالون يلتهم الجسد التهاما ، وصدور شبه عارية ، وأفخاذ تستعرض وقاحة لا أنوثة ، و خاصة تفشي ظاهرة البطون مكشوفة تكشف عن خلل في الوعي قبل إنحلال في الستر ...!


قد يُقال :


"هذه حرية شخصية ...!"

وأرد فأقول : نعم ، لكن ... الحرية لا تعني أبدا التحرر من الحياء والدين والتقاليد التي جعلت للمرأة هيبة ووقارا ، وللرجل غض بصر وإحتراما .


لسنا مجتمع ملائكة ، ولسنا أوصياء على نوايا الناس ... لكننا شعب نُحذّر من منزلق خطير حين يصبح الجسد هو الرأسمال الوحيد للظهور والقبول الإجتماعي ، في زمن أضحت فيه مقاييس الجمال عرياً لا أدباً ولا علماً ولا خُلقاً .


إن هذا المشهد المبتذل ، وهذه الثقافة المستوردة التي تطل علينا عبر وسائل التواصل الإجتماعي الفايسبوك و خاصة منصة التيك توك إلى جانب وسائل الإعلام( القنوات الفضائية العامة والخاصة ) ، لا يمكن تبريرها بإرتفاع درجات الحرارة أو بالرغبة في التحرر ... لأن حرارة الصيف لا تبرر حرارة الأجساد المكشوفة ، والحرية ليست طعنا في أعين المارة ولا في قلوب الصالحين الذين يجاهدون بصراً وحياءً .


بل أكثر من ذلك ، أصبح اللباس الخليع مؤشراً على منسوب التمرد والإحتقار للمجتمع ، حتى أضحى الأمر إستفزازاً يوميا لضمائرنا ، بينما يغرق البعض في التقليد الأعمى للغرب ، دون أن يفكروا لحظة واحدة في الثمن الأخلاقي الذي سندفعه جميعا .


هل نسينا قوله تعالى :

يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَٰلِكَ خَيْرٌ... (سورة الأعراف، الآية 26).


ثم يأتي البلاء ، وتنتشر الفتن ، ونشتكي غلاء الأسعار ، ونتساءل عن أسباب القحط وندرة البركة ، وكأننا نسينا أن الستر والتقوى جزء من السُنة الكونية لإستمرار الخير في الأرض .


نابل اليوم ، مدينتي الحبيبة صارت مرآة لهذا المشهد المتكرر... 

ما عدنا نفرق بين البحر والشارع ، فكله عُري بلا ضوابط ، وكأن شوارعنا تحولت إلى شواطئ مفتوحة دون حياء أو وقار... !


فهل من عودة إلى جادة الحياء؟ 

هل من رجوع إلى الستر الذي هو عنوان الكرامة؟

 أم أن اللحم الأبيض المتوسط سيبقى هو العنوان العريض لهذا الصيف الساخن أخلاقيا قبل أن يكون مناخياً؟


في الختام ، لا يسعني إلا أن أردد :

اللهم أسترنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك ... اللهم رُدّنا إلى دينك رداً جميلاً .


هنا نابل ... 

هنا وجعي ووجع كل غيور على هذه الأرض المباركة .


--------

تعليقات