لم أعد أمتلك طاقة الشرح.
لا للناس، ولا حتى لذاتي.
كنتُ في البداية أبحث عن كلمات مرتّبة أصف بها تعبي، أحاول أن أفهمه كي أُفهم غيري.
لكن شيئًا فشيئًا، صارت الجُمل تنهار قبل أن تُقال.
صرتُ أكتفي بالصمت… ليس لأنه أريح، بل لأنه الأصدق.
في داخلي أشياء كثيرة،
لكن لا اسم لها.
ألمٌ مبهم،
ضيقٌ لا أعرف من أين يأتي،
وحنين لا أعلم إلى ماذا.
أجلس أحيانًا في وحدتي، كمن ينتظر تفسيرًا متأخرًا لما يعتصره.
أحدث نفسي بصوتٍ خافت:
"اهدأ… فقط أخبرني، ماذا بك؟"
لكن الجواب لا يأتي.
يصمت داخلي كما لو أنه نسي كيف يتكلّم،
أو كأن شيئًا بداخلي قرر أن يتوارى عن الضوء… إلى الأبد.
هل أنا حزين؟
هل أنا غاضب؟
هل أنا محطم؟
لا أدري.
أعلم فقط أنني متعب…
تعب لا يزول بالنوم،
ولا يُعالج بالحديث،
ولا يهدأ بالعزلة.
مرات كثيرة، أفتح هاتفي، أبحث عن اسمٍ واحد أرسل له: "أنقذني… أنا لست بخير."
لكنني أتراجع دائمًا.
لا لأنني لا أحتاج، بل لأنني تعبت من شرح ما لا يُشرح،
ولأنني أعرف مسبقًا: لن يفهم أحد.
ثم أضع هاتفي بجانبي، وأتنفّس بصعوبة،
كأنني أقول للعالم:
"لا أريد شيئًا الليلة… فقط دعوني لا أنهار أمام أحد."
ما يؤلمني أكثر؟
أنني صرت غريبًا حتى عن نفسي.
أنني لم أعد أفهمني.
لم أعد أعرف من أين أبدأ إن أردت أن أشرح ما بي.
كل الطرق تؤدي إلى التعب،
ولا مخرج واضح.
أنا لست معقّدًا…
لكني مُنهَك من الداخل،
بطريقة هادئة،
ومتواصلة،
وبلا ضجيج.
وكلما سألني أحدهم: "كيف حالك؟"
أبتسم، وأجيب بثقة لا تشبهني:
"بخير… فقط متعب قليلًا."
لكن الحقيقة؟
أنني تعبت من هذا التعب.
تعبت من كوني أنا.
ولا أملك خريطة للعودة،
لأنني لا أعرف أين فُقدت.
تعليقات
إرسال تعليق