صوم يوم عاشوراء: طقوس يهودية، جاهلية، أم بدعة أموية؟
يوم عاشوراء ، هذا اليوم العاشر من شهر محرّم ، ظلّ محطّ جدل واسع منذ قرون ، إذ تتداخل فيه طقوس وعادات وأحداث تاريخية ، جعلت البعض يعتبره يومًا ذا جذور يهودية ، بينما يراه آخرون بقايا جاهلية ، أو حتى بدعة نشأت في العهد الأموي لأغراض سياسية بحتة.
ففي كتب التراث تُروى أخبار متضاربة ؛ يُقال إن النبي محمد ﷺ وجد اليهود في المدينة يصومون عاشوراء شكرًا لنجاة موسى من فرعون ، فقال: « نحن أحق بموسى منهم » ، فصامه وأمر بصيامه. لكن يعلّق بعض الباحثين على هذه الرواية بأنها تحمل طابعًا تبريريًا لإضفاء الشرعية على صيام هذا اليوم ، مستشهدين بغياب أي تواتر قطعي يثبت صيام عاشوراء في مكة قبل الهجرة.
وفي المقابل ، يعتبر بعض المؤرخين أن صيام عاشوراء أرتبط بأحداث سياسية خطيرة في صدر الإسلام ، إذ تحوّل في العصر الأموي إلى أداة رمزية لتقليل أثر فاجعة كربلاء في نفوس المسلمين ، حين أستُشهد الحسين بن علي رضي الله عنه في العاشر من محرم سنة 61هـ ، فتحوّل هذا اليوم عند محبي آل البيت إلى يوم حزن وبكاء ، بينما حرصت السلطة الأموية على إظهاره كيوم صيام وفرح ، لإخماد روح الثورة والحداد.
ويذهب آخرون إلى القول بأن أصل طقوس عاشوراء قديم ، إذ أعتاد العرب في الجاهلية صيامه تقرّبًا من أصنامهم ، وكانوا يزينون الكعبة فيه ويكسونها ليصبح هذا اليوم لاحقًا ملتقى طقوس متعددة : جاهلية ويهودية وأموية ، تمازجت لتصنع حالة التباس عند المسلمين حول حقيقة صيام عاشوراء وفضله.
ومع كل هذا الجدل ، يبقى صيام عاشوراء – عند أغلب العلماء – سنّة مؤكدة ، لما ورد من أحاديث في الصحيحين وبيّن النبي سيدنا محمد ﷺ ، أنه يكفّر ذنوب سنة ماضية.
لكن الإشكال في طقوس بعض المجتمعات التي تُدخل في عاشوراء عادات دخيلة ، كالتطبير أو مظاهر الفرح المبالغ فيها لتخرج عن مقاصد الصيام إلى طقوس لا أصل لها في الهدي النبوي.
▪︎ ختاما ...
عاشوراء يوم عظيم في تاريخ الأديان والأمم ، لكنه قبل كل شيء فرصة للتأمل في دروس الصبر ، والتذكير بعاقبة الظلم.
ليكن صومنا خالصًا لله بعيدًا عن الأهواء والبدع ، ولتكن عاشوراء يومًا نتذكّر فيه الحق وأهله ، ونتبرأ من كل ظلم وخيانة../.
تعليقات
إرسال تعليق