القائمة الرئيسية

الصفحات

جمال عبد الناصر يودّع سيدة المسرح العربي بكلمات من وجدان موجوع: "وداعاً سميحة أيوب..."



الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر 


بكلمات محمّلة بالحزن، مثقلة بالشوق، ممزوجة بدمعة نزلت من عيون كل فنان بيعرف قيمة المسرح، طلّ النجم العالمي جمال عبد الناصر ووجّه رسالة وداع ما بتحمل مجاملة، ولا بتتشابه مع أي رثاء عابر، بل نابعة من وجدان صادق، من تاريخ مشترك، من حب دفين لامرأة مش كانت فنانة وبس، بل كانت كيان، كانت حضور، كانت عمود من أعمدة الفن العربي، فصرّخ صرخة كل محب، وقال بمنشور مؤثر وباختصاره : "وداعاً سيدة المسرح العربي......"


وكان تفسير منشوره وكأن قلبه يقول وداعاً يا رفيقة الخشبة، يا سيدة ستايل الأداء يلي ما بينتكرّر، يا صوت الحكمة بوسط دوشة المجاملات، يا مرجع الكلمة لما تكون حقيقية، يا مدرسة نادرة فيها كل أصول المهنة، وداعاً يا يلي الطلة تبعك لحالها كانت كافية تخلي المسرح يوقف، والكواليس تسكت، والجمهور ينصت كأنو عم بيسمع حكاية من السماء، وداعاً أيقونة فن عربية، أيقونة مش بس بالمسرح، بل بالسينما، بالتلفزيون، بالإذاعة، بالحضور، بالهيبة، بالانضباط، بالتواضع، وبالعطاء يلي ما بينعدّ.


وداعاً يا يلي كنتِ النموذج الأكمل لأداء تمثيلي متميّز، وداعاً يا يلي تلاميذك مش بس هني طلابك بالمعهد أو شركائك بالمسرح، تلاميذك نحنا، الجيل يلي تربّى على اسمك، حفظ نبرتك، تعلّم من وقفتك، فهم الإحساس من ملامحك، واكتشف الصدق من صوتك، وداعاً مدرسة أداء تمثيلي قائمة بحد ذاتها، إلها تلاميذها، عشاقها، محبيها، ناس ما بتنسى، وما رح تنسى، لأنو الفن الأصيل ما بينطفي، حتى لو غابت الشمس عن صاحبه.


وداعاً لمشوار طويل، مشوار مش بس طويل بالزمن، بل طويل بالقيمة، مشوار من العطاء، من التعب، من الانضباط، من التحدّي، من الشغف، من الإخلاص، من النضال بالفن، من الصبر عالخشبة، من الدموع بالكواليس، من التصفيق الحقيقي، من اللحظات يلي التاريخ دوّنها مش بالحبر، بل بالروح، وداعاً لمشوار مشرف، مشوار ما فيه لحظة ندم، لأنو كل لحظة كانت درس، كانت بصمة، كانت تأريخ لفن عربي أصيل، مشوار فني مؤثّر، مؤثّر لدرجة إنو ناس ما شافوكِ على المسرح بعيونهم، بس حسّوكِ بقلوبهم، وتعلّقوا فيكِ من نبرة صوتك بالراديو.


وداعاً الفنانة الكبيرة سميحة أيوب، الاسم يلي بيكفي لحالو يكون عنوان كتاب، عنوان مرحلة، عنوان هوية، وداعاً يا سنديانة مصرية عربية شامخة، يا وجه ما غيّرته السنين بل زادته حضور، يا قلب كبير عطى وما طلب، يا شخصية ما انجبرت تفتعل شيء لتفرض حالها، بل كانت ببساطة... سميحة أيوب. جمال عبد الناصر، بكلماته، كان صوت جيل، وكان وجدان حزين، وكان ضمير المسرح، وقالها بقلب نقي: "رحمها الله، وغفر لها، وأسكنها الجنة... وإنا لله وإنا إليه راجعون..."


وداعاً من كل فنان تأثّر، وداعاً من كل متفرّج حَب، وداعاً من كل طالب علم، وداعاً من كل خشبة كانت محظوظة بمشيتك عليها، وداعاً من كل ميكروفون كان عم ينقل صوتك، وداعاً من كل شاشة زادت وهج لما ظهرتِ فيها، وداعاً من جمهورك، من زملائك، من تاريخ المسرح العربي يلي صار ناقص وجه من وجوهه الأهم.


وداعاً... سيدة المسرح العربي...

وداعاً... أيقونة فن عربية في المسرح والسينما والتلفزيون والإذاعة...

وداعاً... مدرسة أداء تمثيلي متميز لها تلاميذها وعشاقها ومحبيها في الفن العربي...

وداعاً... لمشوار طويل مشرف من العطاء الفني المؤثر...

وداعاً... الفنانة الكبيرة سميحة أيوب...

رحمها الله وغفر لها وأسكنها الجنة... وإنا لله وإنا إليه راجعون...

تعليقات