القائمة الرئيسية

الصفحات

تعاون استثنائي جديد بين الموزّع الموسيقي زيزو فاروق والنجم حكيم: ولادة أغنية تفيض بالحيوية والتجديد



الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر 


في مشهد موسيقيّ لا يعرف السكون، وفي توقيت باتت فيه الأصوات المتشابهة تطغى على الساحة، يخرج النجم الشعبي حكيم من رحم الإيقاع العربي من جديد، ليُثبت أنّه ليس فقط نجمًا متوَّجًا على عرش الأغنية المصرية، بل حالة فنية متفرّدة تعرف متى تُجدد دماءها ومتى تُشعل الحواس بألحانها. هذا ما نراه اليوم مع الإعلان الرسمي عن تعاونه المنتظر مع الموزّع الموسيقي الموهوب زيزو فاروق، في أغنية جديدة تُشكّل إحدى أبرز محطات ألبوم حكيم المرتقب، والتي من المقرّر طرحها قريبًا على مختلف المنصّات الرقمية، لتهبّ على الجمهور نسمات إبداعية بنكهة مختلفة، وكلمات مشحونة بالإحساس والصدق، وألحان تسير في عروق الأغنية المصرية كما يسري النيل في قلب الوطن.


الأغنية المنتظرة هي من كلمات الشاعر محمد النجار، الذي يعرف كيف يزرع الجملة في التربة الصحيحة للمشاعر، ومن ألحان الملحن الرقيق محمد عبد المنعم، الذي طالما قدّم ألحانًا راقصة الملمس، دافئة في الأعماق، وتوزيع موسيقي حمل بصمات زيزو فاروق، الرجل الذي باتت لمساته تُقرأ على خرائط النجاح الموسيقي دون حاجة لتعريف أو شرح، والذي قال في تصريحات خاصة إنه يشعر بسعادة كبيرة وفخر حقيقي بهذا التعاون الجديد، مؤكدًا أن حكيم ليس مجرّد صوت، بل حالة إنسانية غنائية، يختزن في طبقاته إحساس الشارع ومزاج الناس وبساطة الوطن بكل ما فيه من حنين وقوة.


زيزو فاروق لم يُخفِ إعجابه الشديد بصوت حكيم، واصفًا إياه بالقوي والمميّز، مشيرًا إلى أن أكثر ما يميّز حكيم هو حرصه الدائم على التجديد، وعدم تكرار نفسه، سواء على مستوى اللون أو الأداء أو حتى اختيار الموضوعات. وأضاف أن هذا العمل ليس التعاون الأول بينهما، بل يأتي امتدادًا لنجاحات سابقة اجتمع فيها الحس الشعبي مع التقنية العالية والذكاء الموسيقي، مثل تتر مسلسل "رمضان كريم"، والأغاني التي لاقت صدى واسعًا لدى الجمهور مثل "أخبار الطقس"، و"رقصوني"، و"ليلة بمبي"، مشيرًا إلى أن الأغنية الجديدة ستكون مختلفة كليًا، وتحمل بصمة مغايرة تمزج بين العصرية والطابع المصري الأصيل، متمنيًا أن تُلامس قلوب المستمعين فور صدورها.


الرهان هذه المرة، كما يرى زيزو، ليس فقط على اسم حكيم، ولا على سحر التوزيع، بل على التكامل الحقيقي بين الكلمة واللحن والصوت والإيقاع، حيث تمّت مراعاة التفاصيل كافة، ابتداءً من اختيار الموضوع، مرورًا بتوزيع الآلات، وانتهاءً بالميكس النهائي، في عمل يبدو كأنّه وُلد لينجح، لا ليُجرَّب.


أما النجم حكيم، الذي لطالما تربّع على قلوب محبّي الطرب الشعبي المصري، فلا يزال يبرهن، مرة تلو أخرى، أنه لا يعيش على أرشيفه السابق، بل يبني مستقبله بأغانٍ لا تقل حرارة أو تميّزًا عمّا قدمه في بداية رحلته. أغنيته الأخيرة "بتاع مصلحتك"، التي طُرحت مؤخرًا، وحصدت أكثر من 2 مليون مشاهدة على منصة يوتيوب، كانت خير دليل على استمرار شعبيته الجارفة، وقدرته على تقديم اللون الشعبي في قالب عصري يُرضي الأذواق كافة. الأغنية جاءت من كلمات عصام حجاج، وألحان تامر حجاج، وتوزيع محمد مصطفى، وكانت بمثابة رسالة صريحة في مضمونها، مفعمة بالذكاء في صياغة الحالة النفسية للشخصية المغنّاة، والتي يقول فيها: "عايز تبعد عادي براحتك.. أنا معجب جدًا بصراحتك.. ده أنا من أول مرة قابلتك.. عارف أن أنت بتاع مصلحتك.. لو مفكر إني هزعل وإن قلبي حزين عليك.. يبقي شكلك مش عارفني والشيطان ضاحك عليك"، وهي كلمات عبّرت عن رفض الخداع، واحتفاءٍ بالوضوح، بأسلوب لا يخلو من الطرافة والجدية معًا، كما يليق بعالم حكيم الغنائي.


تجدر الإشارة إلى أن جمهور حكيم، الذي ينتظر جديده بشغف لا يهدأ، يتعامل مع كل عمل يصدر عنه كأنّه بداية جديدة، لا تكرار للماضي، وهو ما يمنح كل أغنية جديدة طاقة استقبال نادرة، ويجعل حكيم في موقع دائم من التحدي والرهان، لا مع الآخرين، بل مع ذاته أوّلًا، ومع سقف توقعات جمهوره ثانيًا. ومن الواضح أن التعاون القادم مع زيزو فاروق قد يُحدث زلزالًا فنيًا في موسم الصيف، ويفتح الباب مجددًا أمام الأغنية الشعبية لتستعيد مكانتها كفن حي نابض، لا مجرد ترفيه مؤقت.


في زمن تتكاثر فيه التجارب الغنائية السطحية، ويختلط فيه الضجيج بالنجاح الزائف، يخرج هذا الثنائي كرسالة واضحة مفادها: أن الموسيقى، حين تتكئ على الموهبة والإخلاص، تظل قادرة على اختراق الضجيج، وفرض نفسها بهدوء لا يحتاج إلى ضجيج مزيّف. نحن بانتظار هذا العمل، لا لنحكم، بل لنفرح، فالغناء الجيّد لا يحتاج إلى دليل.. فقط إلى أذن حقيقية وقلب لا ينسى.

تعليقات