بقلم احمد الشبيتى
شهدت محافظة سوهاج خلال الأيام القليلة الماضية واقعة مؤسفة أثارت الرأي العام، بعدما تعرّض مسؤول حماية الأراضي بالوحدة المحلية لاعتداء أثناء تنفيذه حملة إزالة مخالفة للبناء دون ترخيص، وهو يمارس عمله دون مرافقة أمنية كما تقتضي الإجراءات السليمة في مثل هذه الحالات.
المشهد التراجيدي الذي تداولته مواقع التواصل الاجتماعي، عبر مقاطع فيديو وشهادات شهود عيان، أعاد إلى الواجهة سؤالًا جوهريًا: هل أصبح الموظف العام مستباحًا؟ وهل أصبح تنفيذ القانون جريمة في نظر البعض؟
الرجل –وهو موظف يؤدي عمله– ذهب لينفذ قرار إزالة في المهد، وهو من أصعب أنواع الإزالات وأكثرها خطورة، لكنه فُوجئ بعدوان مباشر من قبل المخالف، في غياب تام لأي دعم أمني يضمن له سلامته الشخصية أثناء التنفيذ. الأمر الذي يضعنا أمام خلل إداري واضح يستوجب المحاسبة والتحقيق، ليس فقط مع المعتدي، بل مع من أمر أو سمح بالتنفيذ دون تأمين.
الجدل لم يتوقف عند الواقعة ذاتها، بل امتد عبر منصات التواصل الاجتماعي إلى ما هو أبعد، حيث بدأ البعض في إطلاق اتهامات عشوائية عن منظومة فاسدة تعمل في الظل، وترويج مزاعم عن رشاوى واستغلال للسلطة دون أدلة أو تحقيقات رسمية تثبت ذلك، مما يُعد إضرارًا بسمعة الموظفين الشرفاء، وتشويهًا لمؤسسات الدولة بلا بيّنة.
اليوم، جاء وزير الزراعة بنفسه إلى سوهاج لتفقد الحالة الصحية للموظف المعتدى عليه، وهي خطوة تُحسب له وتؤكد على اهتمام الدولة بسلامة أبنائها، لكن ذلك لا يكفي. نحن بحاجة إلى مراجعة شاملة لمنظومة العمل الميداني خاصة في حالات الإزالة، وإصدار تعليمات واضحة: لا تنفيذ إلا بقوة أمنية مرافقة. لا مخاطرة بأرواح الموظفين. لا تستر على التقصير.
كما يجب على وزارة التنمية المحلية، والسيد وزير المحافظة، أن يتحركوا بشكل عاجل لإنشاء وحدات أمنية ثابتة في كل مركز ومدينة، تكون جاهزة للتدخل الفوري عند الحاجة، وترافق فرق التنفيذ في جميع الحالات التي تتطلب فرض هيبة القانون.
القانون يجب أن يُطبّق، لكن بأدواته السليمة وضماناته الحامية للعاملين به. فما حدث في سوهاج يجب ألا يتكرر، وإذا كانت هذه الواقعة ستؤسس لنظام أكثر انضباطًا في تنفيذ قرارات الدولة، فرب ضارة نافعة.
فلنحمِ من ينفذ القانون، لا من ينتهكه.
تعليقات
إرسال تعليق