بقلم : حمادة عبدالجليل خشبه
"إذا أردت تحرير وطن، ضع في مسدسك عشر رصاصات: تسعة للخونة وواحدة للعدو… فلولا خونة الداخل ما تجرأ عليك عدو الخارج."
كثيرًا ما تتردد هذه العبارة على ألسنة الغيورين على أوطانهم، حين يرون سهام العدو لا تخترق الحدود إلا وقد سبقتها خناجر الغدر من الداخل.
فكم من أمة ظنت أن حصونها منيعة، فإذا بها تتهاوى من داخلها لا من خارجها.
وكم من وطن كانت جيوشه صامدة، لكن جرحه النازف لم يأتِ من فوهات المدافع، بل من أفواه العملاء، ومن أقلام المرتزقة، ومن ضمائر باعت نفسها بثمن رخيص.
ليس العدو الخارجي وحده هو الخطر؛ فهو على الأقل واضح في عداوته، معلن في نيّته.
لكن العدو الحقيقي، الكارثة الكبرى، هو ذاك الذي يتدثر بثوب المواطن، ويجلس على مقاعد أبناء الوطن، ثم يبيع المواقف، ويشوّه الحقائق، ويزرع الفتن، ويهدم الصف من الداخل، دون أن يُطلق رصاصة واحدة… لأنه يعلم أن كلمة خبيثة قد تفتك بأمة، أكثر مما تفعله قذيفة.
إن الشعوب لا تنهار فجأة… بل تتآكل من داخلها حين يفقد الشرف قيمته، ويُستبدل الانتماء بالمصالح، ويُصبح بيع الوطن وجهة نظر.
ومع ذلك، يجب أن نقف عند المقولة لا لنتبناها حرفيًا، بل لنقرأها بوعي:
"تسع رصاصات للخونة" لا تعني بالضرورة قتلًا جسديًا، بل تعني رصاصات الوعي، والصدق، والفضح، والمواجهة، والانحياز للحق، والتوعية، والانتماء، والصبر، والعمل… والتاريخ.
أما "رصاصة للعدو"، فهي أقل من حقه، لأن العدو يُقاتل بالجيوش، أما الخائن فيُقاوم بالوعي.
لا تنهض الأوطان برصاص الغضب، بل تقوم على عقول يقظة، وقلوب مخلصة، وصفوف متماسكة.
فالمعركة الأولى ليست ضد عدو نراه على الحدود… بل ضد خيانةٍ قد تنشأ في البيت، في الإعلام، في السوشيال ميديا، أو في مكتب مسؤول خان الأمانة.
إذا أردت أن تحرر وطنك حقًا، فلا تبحث عن المسدس , و بحث عن وعيك أولًا، ثم وجه رصاصة الكلمة، وصوت الضمير، وسلاح الصدق… نحو الخيانة.
لأن الوطن لا تحميه المدافع و القاذفات فقط… بل رجال لا يخونون، ونساء لا يبعن، وأبناء يعرفون قيمة الأرض التي وُلدوا عليها
حفظ الله مصر وشعبها وقائدها وجيشها
وتحيا مصر دولة متماسكة بشعبها وسواعد ابنائها المخلصين
تعليقات
إرسال تعليق