الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر
في مشهد أقرب إلى لوحةٍ فنية حيّة تتمايل ألوانها تحت أشعة الشمس وتعانقها نسائم البحر، خطف النجم العالمي، المطرب اللبناني إيوان، الأنظار بإطلالته الساحرة على متن يختٍ فاخر وسط جمهوره، حيث ظهر بكامل أناقته مرتديًا بنطلونًا أسود أنيقًا وقميصًا مشجّرًا برسومات ورودٍ نابضة بالحياة، في مشهدٍ عفويّ لكنّه مدروس، عكس فيه شخصيته الفنية التي تجمع بين الكاريزما والرقيّ، وبين الحضور المرح والاحترافية العالية، وكأنّه أراد أن يبعث برسالة عنوانها البساطة الراقية و"الستايل" الذي لا يخفت مهما تغيرت الموضة أو تبدّلت الصيحات.
لم تكن تلك الإطلالة مجرد ظهور عابر أو جلسة تصوير عادية، بل كانت لحظة تواصل حقيقية مع الجمهور، لحظة تحدّث فيها البحر عن نجمٍ يعرف تمامًا كيف يكون قريبًا من محبّيه دون تصنّع، وكيف يجعل من حضوره حالة استثنائية لا تتكرّر. عدسات الجمهور كانت تلاحقه كأنّها ترصد حلمًا على هيئة إنسان، فهو لم يكتفِ بالجلوس على ظهر اليخت، بل قاد الدفّة بنفسه، كأنّه يرمز إلى قيادته لمشواره الفني بنفسه، دون أن يسمح للظروف أو الموج أن يقرّرا اتجاهاته، وكأنّه يقول بوضوح: "أنا القبطان في بحر الفن... وأنا من يرسم خارطة الوصول".
القميص المشجّر برسومات الورود الذي اختاره إيوان لم يكن تفصيلًا عابرًا، بل بدا كأنه امتداد لروحه، روح الفنان الذي يرى في التفاصيل حياة، وفي الألوان لغة أقرب إلى قلوب الناس من أي كلام. ألوان القميص انسجمت مع زرقة السماء وامتداد البحر، لتشكّل لوحة نابضة بالحيوية، عكست إحساسه الداخلي بالتجدد والانطلاق، كما عكست ذوقًا رفيعًا جعله عنوانًا دائمًا للتميّز في الأزياء، لا يتبع الصيحات بل يصنعها، لا يستعرض ما يملك بل يقدّم نفسه كما هو: نجم يعرف كيف يلفت الأنظار، دون أن يرفع صوته، دون أن يبالغ، ودون أن يتكلّف.
إيوان في ذلك المشهد لم يكن مجرّد فنان على متن يخت، بل بدا كمخرج لفيلم قصير يروي قصة فنان ناجح اختار أن يعيش حياته بكل تفاصيلها، ويشارك جمهوره لحظاته الصادقة لا تلك المصطنعة، ولعلّ تفاعل الجمهور الكبير مع الصور التي انتشرت من ذلك الظهور، وعبارات الإعجاب التي انهالت عبر منصّات التواصل الاجتماعي، ما هي إلا ترجمة حقيقية لما يعنيه هذا النجم للناس، ولما يتركه من أثر بصري وروحي أينما حلّ.
هذا الظهور جاء في توقيت مثالي، حيث يبحث الكثير من النجوم عن تجديد الصورة وبناء جسور مختلفة مع الجمهور، إلا أن إيوان قد سبقهم بخطوة، لا من خلال حفلات صاخبة أو إعلانات تجارية، بل من خلال لحظة إنسانية عميقة، يجلس فيها مع جمهوره على سطح البحر، يضحك، يلوّح، يعانق الأمواج، ويقود سفينته كما يقود مسيرته... بهدوء، بثقة، وبشغف لا ينطفئ.
ولا يمكن إغفال الانسجام الرائع بين الخلفية البحرية الطبيعية وبين نبرة الحضور الفني الذي يمثّله إيوان، فهو لطالما كان صوتًا يحمل الدفء، وإطلالة تحمل التوازن، ونجمًا يحترم فنه كما يحترم جمهوره، وهذا ما جعله في تلك اللحظة البصرية التي وثّقها الجمهور، يبدو وكأنه اختزل السنوات في ومضة، والمشوار في مشهد، والنجومية في ابتسامة بسيطة وهو يقف بثقة على متن يخته وسط محبيه.
ولعلّ ما يُحسب لإيوان في هذه الإطلالة أيضًا، هو تلك العفوية المحسوبة، فهو يعرف تمامًا أن الجمهور قد تعب من الصور المصطنعة والظهور المبالغ فيه، فاختار أن يكون قريبًا، حقيقيًا، دون بهرجة، ودون ضوضاء. قميصه المشجّر برسومات ورود، وبنطلونه الأسود، لم يكونا إلا امتدادًا لذوق فني يعرف كيف يفرض حضوره دون أن يصرخ، وكيف يسرق القلوب دون أن يطلب ذلك.
وبين همسات الموج، ونبضات الموسيقى التي لا تغيب عن جمهوره، وبين عين تلتقط صورة وقلوب تحتفظ بها، يثبت إيوان في كل مرة أنه ليس مجرد نجم، بل حالة فنية وإنسانية نادرة، يعرف كيف يُعيد تعريف الجاذبية، والوسامة، والذوق، بل يعرف كيف يجعل من كل لحظة بسيطة حدثًا استثنائيًا يستحق أن يُروى، وأن يُخلّد في ذاكرة الفن.
في النهاية، قد يمر مشهد الظهور هذا في أرشيف الصور، وقد ينطفئ صدى الظهور بعد حين، لكن من المستحيل أن ينسى الجمهور تلك الحالة الخاصة التي خلقها إيوان، وهو يقود يخته بقميص مشجّر وبنطلون أسود، وسط حبّ كبير من الناس، وحضور ساحر لا يشيخ. فإيوان لا يظهر... بل يُشرق.
تعليقات
إرسال تعليق