لا أعرف لِمَ أكتب اليوم.
أهو الحنين إلى صوتي الذي اختفى؟
أم لأني تعبت من بلع الكلمات كلما سألني أحد: "لماذا تطلّقتِ؟"
لكني سأكتب،
ليس لأُبرّر،
بل لأُفرغ هذا البركان الصامت داخلي.
أنا المرأة التي طلّقت نفسها من رجل،
لكنها وجدت نفسها بعدها...
في قفص من أحكامكم.
كل من نظر إليَّ كأنني مرضٌ خبيث،
كل امرأة همست لابنتها: "لا تصاحبيها... كانت متزوجة"،
كل رجل اعتبرني فريسة متاحة،
وكل مجلسٍ شعرت فيه وكأن اسمي بات وصمة…
هؤلاء جميعًا...
آذَوني أكثر من الطلاق نفسه.
الناس يسألونني: "ما السبب؟"
لكن لا أحد يسألني:
"كم ليلة بكيتِ في الحمام كي لا يسمعك أحد؟
كم مرة ضحكتِ مجاملة... وكنتِ تموتين من الداخل؟
كم مرة وضعتِ يديك على قلبك وقلتِ: اصمتي، لا تفضحي الوجع؟"
أنا لم أخرج من بيتي طمعًا في الحرية…
بل هربت من سجنٍ كان يُطفئني كل يوم.
لكن الحرية لم تأتِني كما توقعت.
جاءتني بوجهٍ جديد:
اسمه "نظرة المجتمع".
في طابور المدرسة،
سحبت أمٌ طفلها من يد ابنتي وقالت له بهمسٍ سام:
"لا تلعب معها... أمّها مطلقة."
تجمدت، لم أنطق.
لكنني شعرت بصفعةٍ لم تُلمس،
وكأنها أسقطت كرامتي في عيون ابنتي.
عدتُ للبيت يومها،
أعددت طعامًا بلا طَعم،
ضحكت لطفلتي بينما الدموع تُغلي داخلي.
وحين نامت،
بكيتُ وأنا أهمس: "هل هذا هو الثمن... لأني أنقذت نفسي؟"
كنت أخرج للعمل منهكة،
أحمل الخبز بيد، وابنتي باليد الأخرى…
وفي عيوني سؤال لا يجيب عليه أحد:
"من يحملني أنا؟"
أنا امرأة مطلقة، نعم.
لكنني:
لست ناقصة.
لست خائنة.
ولست نادمة.
أنا امرأة…
نجت من حياةٍ كادت تمحوها.
لا أكتب هذا كي تواسوني،
ولا كي تنشروا كلامي.
أكتبه لأن هناك الآلاف مثلي،
يطلق عليهن المجتمع الرصاص بعيون صامتة.
وأنا اليوم أقولها بصوتٍ لا يرتجف:
أنا لم أفشل في الزواج...
أنا نجوت منه.
تعليقات
إرسال تعليق