القائمة الرئيسية

الصفحات

نبيل أبوالياسين: واشنطن ضد السلام: مؤتمر الدولتين تحت الحصار

 


الإخبارية نيوز : 

تتكشف فصول مسرحية دولية جديدة، بطلها الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، و"المخرج" هذه المرة هو البيت الأبيض، في خطوة صادمة وغير مسبوقة، تُحرض واشنطن دول العالم على مقاطعة مؤتمر الأمم المتحدة المرتقب حول حل الدولتين، مؤتمر كان يُنتظر أن يكون بصيص أمل في ظلام دامس. إنها دعوة لا تقوّض فقط جهود السلام، بل تكشف عن وجه أمريكي لا يبالي بالمعاناة الإنسانية، ولا يرى في الدبلوماسية سوى وسيلة لتحقيق مصالحه الخاصة، حتى لو جاء ذلك على حساب آمال شعوب بأكملها.



برقية صادمة: تهديد دبلوماسي أمريكي

كشفت وكالة "رويترز" عن برقية دبلوماسية سرية، أرسلتها إدارة ترامب في العاشر من يونيو، تطلب فيها من الحكومات الامتناع عن حضور المؤتمر، ولم تكتفِ واشنطن بذلك، بل ذهبت أبعد من ذلك بتهديد مبطن؛ فالبرقية تشير إلى أن أي دولة تتخذ "إجراءات مناهضة لإسرائيل" بعد المؤتمر ستواجه عواقب دبلوماسية، وستُعتبر مخالفة للمصالح الأمريكية، وهذه ليست مجرد دعوة للمقاطعة، بل هي محاولة واضحة لفرض الإرادة الأمريكية على المجتمع الدولي، وتكميم أفواه الدول التي تسعى لإحياء السلام وفقًا للقانون الدولي.



حل الدولتين: أمل يتلاشى أم مؤامرة تُحاك؟

لطالما كان حل الدولتين هو الإطار المقبول دوليًا لإنهاء الصراع، وهو الحل الذي ينص على قيام دولتين مستقلتين، إسرائيل وفلسطين، تعيشان جنبًا إلى جنب بأمن وسلام، ولكن الدعوة الأمريكية للمقاطعة وتصريحاتها الرافضة لأي اعتراف أحادي الجانب بالدولة الفلسطينية، تُلقي بظلالها على هذا الحل، فهل تسعى واشنطن حقًا لإفشال هذا المؤتمر الذي يمثل فرصة حاسمة نحو السلام، أم أن هناك مخططًا أكبر لفرض واقع جديد يتجاهل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني؟ إنه سؤال يتردد صداه في أروقة الدبلوماسية العالمية، ويقض مضاجع الملايين.



تحدٍ للأمم المتحدة: معركة إرادات

الأمم المتحدة، ممثلة برئيس جمعيتها العامة والأمين العام، أكدت مرارًا وتكرارًا على أهمية هذا المؤتمر كـ"فرصة حاسمة" لرسم مسار لا رجعة فيه نحو السلام، والسعودية وفرنسا، بصفتهما رئيسين مشاركين، تدعوان لعمل حاسم ونتائج ملموسة، وفي ظل هذه التحديات، أصبح المؤتمر ليس مجرد اجتماع دبلوماسي، بل معركة إرادات بين القوى الساعية للسلام، وتلك التي تسعى لفرض أجندتها الخاصة، فهل ستنتصر دبلوماسية السلام أم أن قوة التهديد والترهيب ستُعلي كلمتها؟.



صرخات السلام: لا للحرب لا للاحتلال

"لا يمكن حل هذا الصراع من خلال الحرب الدائمة، ولا من خلال الاحتلال أو الضم اللانهائي"، بهذه الكلمات الواضحة، يلخص رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة حقيقة مرة تتجاهلها واشنطن، وإن دعوات السعودية لـ "بداية النهاية للصراع"، وتأكيد فرنسا على الحاجة الملحة لوقف الحرب في غزة ووضع الحل السياسي في المقدمة، هي صرخات سلام تأتي من قلب المعاناة، وهي دعوات للضمير الإنساني، للتوقف عن رؤية هذا الصراع كقضية سياسية بحتة، والنظر إليه كقضية إنسانية تتطلب حلًا عادلًا يحفظ كرامة الشعوب وحقها في العيش بسلام.



واشنطن: بلطجة سياسية لا تليق بالقرن الحادي والعشرين

ما تقوم به واشنطن الآن ليس سوى بلطجة سياسية سافرة، تدفعنا للتساؤل: هل نعيش في غابة تتجاهل القانون الدولي؟ عندما تحرض الإدارة الأمريكية دول العالم ببرقية سرية على مقاطعة مؤتمر الأمم المتحدة، فهذه رسالة واضحة لكل الحكومات والشعوب بأن الولايات المتحدة لا تصلح لدور الوسيط في أي سلام، وهذا الفعل المشين لا يجب أن تقبله دول العالم، وخاصة الدول العربية والإسلامية وشعوبها، إنه تأكيد لا لبس فيه بأن واشنطن هي موقع الشر في العالم، وليست صانعة سلام.



مستقبل غامض: هل يُدفن الأمل؟

في ظل هذه المعطيات الصعبة، يبرز سؤال مؤلم: هل يُدفن أمل حل الدولتين في رمال السياسة الأمريكية؟ إن المؤتمر، الذي يهدف إلى حشد الدعم الدولي وتخطيط لتنفيذ الحل، يواجه عاصفة من الرفض، إنها لحظة فارقة في تاريخ الصراع، لحظة قد تحدد ما إذا كان المجتمع الدولي سيقف مكتوف الأيدي أمام محاولات إجهاض السلام، أم سيُعلي صوت القانون الدولي والحقوق الإنسانية، فالسلام لن يأتي أبدًا بالحرب والاحتلال، بل بخطة عمل لا رجعة فيها، محددة زمنياً، متجذرة في القانون الدولي، وهدفها تطبيق حل الدولتين، فهل ستقوم الدول بمسؤوليتها أم تترك هذا الأمل يتلاشى؟.


تعليقات