بقلم: حمادة عبد الجليل خشبة
جلست في أحد مقاهي إهناسيا الشعبية، حيث يجتمع الشباب بعد صلاة العصر، يتحدثون، يتبادلون الأخبار، ويهربون للحظات من ضغوط الواقع. جلس إلى جواري شاب في أوائل العشرينات، يحمل ملامح الحلم والتعب في آنٍ واحد.
سألته: "عامل إيه؟ بتشتغل فين؟"
فابتسم ابتسامة باهتة وقال: "لسه… بدوّر، خلصت دراسة من سنتين ولسه مستني الفرصة."
قلت له: "طيب ما جربتش تقدم في المشروعات الصغيرة أو المبادرات اللي الدولة بتعملها؟"
رد وقال: "جربت… لكن دايمًا بيقولوا اتفضل واستنّى. وبعدين تلاقي الفرص راحت لحد تاني معرفوش."
ظللت أستمع إليه، وإلى زملائه، وكل منهم له قصة مختلفة، لكن الوجع واحد: طموح كبير… وفرص قليلة، أو بعيدة، أو مش متاحة بوضوح.
تذكرت حينها كيف كان شباب إهناسيا زمان… يتحركون بلهفة، لا يعرفون اليأس، يصنعون من المستحيل ممكنًا، وكان كل شاب يحلم أن يشتغل، أو يبدأ مشروع، أو يخدم بلده من أي موقع.
اقرا ايضاالأفاعي تطلق الثم
هناك فجوة بين ما يملكه الشباب من طاقات وأفكار، وبين ما هو متاح أمامهم على الأرض.
فجوة بين الحماس والواقع… بين الرغبة في النجاح، وغياب الأبواب المفتوحة.
أنا لا ألوم أحدًا، لكنني أُحزن حين أرى شبابًا ناضجًا، واعيًا، مثقفًا… لا يملك سوى الانتظار، أو التفكير في السفر، أو الهروب من حلم كان يستحق القتال من أجله.
وهنا لا بد أن نطرح السؤال: هل المشكلة في الشباب؟ أم في من لم يُحسن توجيههم ودعمهم؟
هل أعطيناهم ما يكفي من أدوات؟ من تدريب؟ من فرص حقيقية؟
هل استمعنا إليهم بصدق؟ أم اكتفينا بالشعارات والتقارير؟
ورغم كل ذلك، لا يمكننا أن نتجاهل ما تقوم به الدولة المصرية من جهود كبيرة في خدمة الشباب، سواء من خلال المبادرات الرئاسية، أو برامج التأهيل، أو المشروعات القومية العملاقة التي فتحت آلاف فرص العمل.
لكن التحدي الحقيقي الآن هو أن تصل هذه الفرص إلى أعماق القرى والمراكز… أن يشعر بها كل شاب، لا أن يسمع عنها فقط.
يا شباب لا تيأسوا الفرص قد تتأخر لكنها لا تموت، والأمل لا يصنعه المسؤول فقط، بل تصنعه الإرادة.
ومصر… تستحق منّا جميعًا أن نكون على قدر الحلم.
تعليقات
إرسال تعليق