القائمة الرئيسية

الصفحات

"علاء مرسي... ضيف الشرف يلي خطف الذاكرة بصوتو بمسلسل المحامي: لما بيصير الفن منصة للعدالة وصرخة من غزة"(خاص)


مقابلة بواسطة الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر 


في نجوم بيقطعوا ع الشاشة متل النسمة، بيمرّقوا، بيضحكوا، بيسلّوا، وبينسوا... وفي نجم متل علاء مرسي، بيجي من باب القلب دغري، وبيضلّ. مش بس لأنو ممثل شاطر، ولا بس لأنو كوميديان بالفطرة، ولا لأنو شارك بمئات الأعمال وخلّى اسمو حاضر بكل بيت... بل لأنو إنسان، أولًا وآخرًا. إنسان من الطينة الحقيقية، يلي لما بيحكي بتحسّو جارَك، ولما بيضحك بتضحك من قلبك، ولما بيبكي؟ بتغصّ، كأنك شفت أخوك عم يتوجّع قدامك.


علاء مرسي، مش اسم عادي، ومش ممثل من الطراز التقليدي. هيدا فنان خلق من رحم الشارع، من نبض الناس، من العفوية يلي ما بتتعلم، ومن الصدق يلي ما بينصنع. ابن مصر ، حامل روح الصعيد والدلتا وفكر القاهرة، وصوت مصر كلّها، قدر يكوّن حالة مش متكرّرة بالدراما، لا بالكوميديا ولا بالتراجيديا، لأنه ببساطة بيعرف يضحّكك ويبكيك بنفس المشهد، وهايدي نعمة ما بينالها إلا الكبار.


هو النجم يلي ما لعب دور، لعب بشر. ما انحصر بشخصيات نمطية، ولا سعى للبطولة المطلقة، لأنو بيعرف إنو البصمة ما بتجي بالحجم، بتجي بالصدق. والمشاهد العربي، يلي ما بينضحك عليه بسهولة، حبّ علاء مرسي لأنو شاف فيه جزء من حالو. شاف فيه الأب، الأخ، الزميل، البياع، الطبيب، المحامي، المجنون، الحكيم، والانسان يلي بيشبه الكل وما بيشبه حدا بنفس الوقت.


وبزمن النجومية المصنّعة، والابتسامات المُبرمجة، طلع هو بصوته الأصيل، بإفيهاته العفوية، بكلماته القريبة، وبنظراته يلي دايمًا فيها شي أعمق من الدور... فيها روح. وهيدا السبب إنو بعيون كتار، صار نجم عالمي مش بس ع الورق، بل بالحقيقة. عالمي لأنو حضوره عم يوصل للعالم العربي كله، وعالمي لأنو قادر يحكي لغة المشاعر بلا ترجمة، ولأنو لو حطّيتو بأي ثقافة، رح يقدر يوصل ببساطته وعبقريته وحنيّته.


ولما بيمثّل، ما بيمثّل لحالو، بيمثّل عن جيل، عن ناس، عن وطن. صوته صادق، متل طلّته، متل تاريخه، متل خطواته على المسرح والدراما والسينما. بيحمل بفنّه فرح الشارع، وجع البلد، أمل الجيل الجديد، وحنيّة الأم على أولادها. وهايدي الخلطة، يا قليل يلي بيمتلكوها.


الجمهور ما حبّو بس، عشقو. يمكن لأنو بيشوف حالو فيه، ويمكن لأنو ما خذل حدا، ولا يوم دخل علينا من باب التكلّف. ضلّ حقيقي، وضلّ قريب، ومن هيك حضوره ما بيبهت، وشعبيته ما بتنزل، وصورتو دايمًا مشعشعة، حتى بلا فوتوشوب.


علاء مرسي مش نجم عادي... هيدا "ذاكرة ضحك"، "أرشيف صدق"، و"تاريخ حيّ" لفن عم يختنق يوم بعد يوم، بس بعدو بيعيش بوجّو، بنظرته، وبصمته يلي ما بتنمحي.


بين أصوات الانفجارات اللي ما بتخلص، وبين شهادات الناجين اللي عم تبكي الحجر، وبقلب محكمة ما فيها محامي شيطاني بل عدالة عم تفتش ع وجّا، وقف علاء مرسي مش متل أي ضيف، بل متل شاهد على لحظة تاريخية... لحظة فنية، فكرية، وإنسانية من العيار الثقيل، لحظة اسما "المحامي".


إيه، هو ضيف شرف، بس مش ضيف عابر. وجوده بالمسلسل ما كان لتجميل المشهد، بل ليفجّر مشاعر، يزرع وعي، يخلّي المشاهد العربي يوقف ويتنفس الحقيقة. والمفاجأة؟ إنو هالصوت المصري، النغمة المعروفة بالعفوية والتعبير، طلع هالمرة من قلب القاهرة ليصرخ بإسم غزة، من على منصة درامية حطّت القضية الفلسطينية تحت المجهر، بصيغة فنّية جريئة بتفتح كل الجروح.


بصوت ثابت، وبنظرة فيها احترام عميق للتجربة، صرّح علاء مرسي وقال:

"المحامي ضيف شرف. من بطولة نجوم من الوطن العربي كله. وسعيد بالتجربة جدا."

ومن هيك تصريح، بتفهم فورا إنو هيدا مش بس قبول بدور، هيدا موقف، هيدا انتماء لفن بيشبهه، ولقضية بتمس قلبه.


سألناه، بكل حب وفضول:

أستاذ علاء، ضيف الشرف عادة بيكون "عابر"، بس حضرتك، بحضورك القوي بمسلسل "المحامي"، حسّينا كأنك عم تحفر بصوتك ذاكرة القضية... شو التحدي الأكبر إنك تترك بصمة بدور قصير وسط عمل بهالحمولة الإنسانية والسياسية؟

فجاوب، بلا تردد:

"ضيف شرف دايما يبقى مؤثر، لابد أن يكون من المشهد أو الحلقة أو الشخصية مؤثرة جدا، ومفيش دور صغير ودور كبير، في مؤثر وغير مؤثر، وأعتقد لو لقيت حاجة مؤثرة بعملها على طول، تكون تحت مسمى دور صغير أو دور كبير ضيف شرف عادي يعني."


كلماته ما بتحتاج تحليل. هو بيختصر الفلسفة الفنية بلحظة صدق. ما بيشوف حاله بنجومية فارغة، بيشوف حاله بدور بيوجع، بمشهد بيوصل، بنبرة بتعبّر عن ملايين، عن بلد كامل عم ينزف، وناس بعدها بتفتش على الأمل من خلف الركام.


سألناه كمان، بمحور تاني أعمق، إنو كيف شايف الفن بدور الشهادة بهالمرحلة الصعبة؟

المسلسل عم يحاكي العالم من داخل قاعة محكمة، من وجهة نظرك كممثل مصري وعربي، شو بتحس دور الفن بهالزمن الصعب، وخصوصًا لما بيصير منصة للدفاع عن فلسطين؟

قال بنبرة فيها وعي وخوف بنفس الوقت:

"الفن مهم جدا، بيعبر عن قضايا وعن الواقع، ولكن من وجهة نظري الفن ماينفعش يكون متحيز."


وهون بيت القصيد. الفن بالنسبة لإله، مش وسيلة للدعاية، بل للمصارحة. مش للمزايدة، بل للانحياز الإنساني البحت. هو ما بيتحيّز لدين، ولا لسياسة، بيتحيّز للحق، للضحية، للصوت المسروق. وبهالمنطق، بيكون عم يحافظ على شرف المهنة، وبيخلي الناس تصدّق شو عم تشوف.


أما عن الشخصية؟ فكان الجواب صادق وبسيط، ولكن عميق:

"هي شخصية لطيفة جدا، شخصية تحاكي وجهة نظر الشعب العربي كله وخاصة الشعب المصري القضية الفلسطينية ودفاعه عنها وتحيزه الكامل لها."

يعني شخصية عم تحكي بإسم شعب، بإسم ضمير، بإسم مصر اللي دايمًا كانت واقفة حدّ فلسطين، بالكلمة، بالدور، بالصوت، وبكل مشهد بيحمل مسؤولية.


وهون منرجع على لبّ العمل.

"المحامي" مش بس مسلسل. هو محكمة افتراضية، بس بشهود حقيقيين، بدم حقيقي، بألم واقعي. الأحداث بتدور كلها بقاعة وحدة، بس الصوت عم يوصل للقارات. شهادات، وجع، أم، ابن، مقاتل، مراسل، كلّن عم يمرقوا بهالمحكمة، يصرخوا، يحكوا شو صار، ويطلبوا من العالم يسمع، مش يطنّش.


المسلسل من بطولة منذر ريحانة، يلي صار وجه النضال بمسلسلات من قبل، وهلّق عم يرجّع بوصلته على فلسطين، ومعه نجوم كبار متل ختام اللحام، مروة الأطرش، تاتيانا مرعب، جوان خضر، وبمشاركة كوكبة عربية بترجع تثبت إنو القضية بتجمع، وإنو الفن لما يكون حر، بيصير أقوى من الرصاص.


واللافت؟ إنو النجوم ضيوف الشرف، من أمثال أحمد بدير، عمار شلق، صفاء سلطان، وعلاء مرسي، ما كانوا زينة أو وجوه عبور، كانوا "صدمات" فنية ضمن محطات المفاجأة. وعلاء مرسي، بتمثيله، عطانا الصدمة الأذكى... صدمة الصمت اللي بينفجر. صدمة التمثيل اللي ما بيصرّخ، بس بيوصل للقلب دغري، بلا استئذان.


في مشهده؟ بتحسّه مش عم يحكي نص، بل شهادة حياة. نظراته، نبرته، حتى سكوته... بيقولو أكتر من ألف كلمة. وبدل ما يكون عم يدافع عن شخصية، صار عم يدافع عن فكرة. فكرة إنو فلسطين منا منسية. إنو الفن مش بيتهرّب من المأساة، بل بيحطها بقلب العدسة، وبقلب الضمير.


"المحامي"... عنوان، بس كأنو سؤال مفتوح. مين بيحاكم مين؟ مين بيدافع عن مين؟ وهل في عدالة فعلًا بمجتمع عم يشوف ويصمت؟ وعلاء مرسي، ما جاوب بس بمشهد، جاوب بموقف، بمشاركة، وبإيمان إنو كل دقيقة على الشاشة ممكن تصير موقف، أو صرخة، أو قنبلة توعية.


وهيدا الشي اللي خلى مشاركته ما تنعد "إطلالة"، بل تتحوّل لحالة، لحكاية عن فنان حقيقي، مش نجم موسم، ولا متفرّج على المجازر من بعيد، بل صاحب كلمة، وصاحب مشهد ما بينتسى.


بإختصار؟

علاء مرسي ما كان ضيف. كان وجه تاني للقضية. وجه الناس اللي بعدن مؤمنين إنو الفن لازم ينحاز... بس للإنسان.

تعليقات