الإخبارية نيوز :
22 مايو 2025
إن غضب الشعوب العربية والإسلامية الذي استمرار لقرابة عامين، وطالما كانت الشعوب تأمل بموقف عربي وإسلامي يليق بقيمة دولهم، وقد حانت الفرصة الآن ، ففي لحظةٍ تاريخية فارقة، حين تجاوزت فصول الإبادة والتجويع في غزة كل حدود الكرامة البشرية، يتصدع جدار الصمت الغربي، واليوم، يغلي الغضب الأوروبي غير المسبوق ضد إسرائيل، ويتحول إلى تهديدات مباشرة وعقوبات فعلية.
وهذه ليست مجرد بيانات دبلوماسية؛ بل هي صحوة متأخرة لكنها حاسمة، ترفع كل الحجج عن الأنظمة العربية والإسلامية، إنها الفرصة التي طال انتظارها، لكي تسترد دولنا ثقة شعوبها، وتُثبت للعالم أن قيمنا ليست مجرد شعارات، بل هي مبادئ نعيش ونموت من أجلها.
لقد وصل الغضب الأوروبي مستوىً لم يسبق له مثيل، فبعد قرابة عشرين شهراً من حرب الإبادة في غزة، خرجت الدول الغربية، التي طالما قدمت الدعم المطلق، لتُظهر رفضها التام، وبعضها فرض عقوبات فعلية، وآخر هدد بشكل مباشر وغير مسبوق باتخاذ "إجراءات قاسية" ضد الاحتلال إن لم تتوقف الحرب ويُسمح بدخول المساعدات دون قيد، وهذه الدعوات الصريحة لنتنياهو بأن يوقف المجازر، ليست مجرد توبيخ، بل هي اعترافٌ واضحٌ بأن ما يحدث في غزة إهانة لكل ما هو إنساني.
وفي خطوة غير مسبوقة، أقدمت الحكومة البريطانية على سلسلة من الإجراءات العقابية للضغط على حكومة الاحتلال لوقف حربها ومجاعة غزة، وتلاها البرلمان الإسباني الذي صادق على مقترح حظر تجارة الأسلحة مع إسرائيل، ودعا رئيس وزرائه إلى استبعادها من الفعاليات الدولية، كما حدث مع روسيا، بينما دعت هولندا وفرنسا لدول أخرى في الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات جديدة على المستوطنين ومنظماتهم العنيفة، وباريس تدعم مراجعة اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، لتقييم التزامها بحقوق الإنسان.
وهنا تكمن الفرصة التاريخية للأمة العربية والإسلامية، هذا الموقف الأوروبي المتغير، الذي يأتي بعد عامين من الإبادة الممنهجة والتجويع في غزة، يرفع عن أنظمتنا كل الحجج، ولقد بات من الضروري والملح أن تُعقد قمة عربية إسلامية عاجلة، لكي تُتخذ خطوات عملية تحذو حذو أوروبا، وتتجاوزها، تهديد مباشر بقطع العلاقات الدبلوماسية والسياسية مع الاحتلال، وليس مجرد الاستنكار، بات مطلباً شعبياً يفرض نفسه بقوة.
لقد أصبح الوضع اليوم مواتياً للأنظمة العربية والإسلامية لفرض ضغط حقيقي، فبينما تستنكر الدول الغربية، وإن متأخرة، جرائم الحرب المستمرة في غزة، يتوقع من الدول العربية والإسلامية موقفاً يتوازى مع هذا التحول، وهذا الإجراء ليس فقط سيلبي رغبات الشعوب الغاضبة، التي طالما انتظرت موقفاً مشهوداً يليق بقضيتها، بل سيعيد بناء الثقة المفقودة بين الأنظمة وشعوبها، ويُرسخ موقع الأمة كقوة لا تُهان كرامتها.
وهنا أؤكد أن تحقيق هذا التحول، نُطالب جمهورية مصر العربية بدورها المحوري والراسخ في المنطقة بأن تقود جميع الدول العربية والإسلامية نحو إجراءات ملموسة وحاسمة، والضغط بوقف الإبادة، ودخول المساعدات دون شرط أو قيد، لم يعد خياراً الآن بل واجباً، على جميع الدول العربية والإسلامية مساندة مصر بكل قوة ودون تراخٍ، فلطالما ألقت الشعوب اللوم على قياداتها منذ بداية الحرب، والآن حان وقت إظهار الموقف الذي تستحق فيه هذه القيادات الوقوف خلف مصر بكل ما تملك من أوراق ضغط على إسرائيل، وكسر حواجز الصمت.
نعلم جيداً أن طريق اتخاذ موقف حازم لن يكون سهلاً؛ فالعقوبات قد تُرهق اقتصادات بعض دولنا الهشة، ووحدة الموقف العربي قد تصطدم بتحالفات دولية ومصالح متشابكة طالما قيدت حركتنا، لكن كرامة الأمة والشعوب لا تُقدر بثمن، وعندما يتعلق الأمر بها، لا مجال للتخاذل، لذا، يجب على أنظمتنا أن تواجه هذه التحديات بشجاعة، فالشعوب العربية والإسلامية ستكون خير مساند لها، متى رأت موقفاً يليق بتضحيات غزة، وتتحول فيه الأقوال إلى آليات ملموسة للضغط
وأختم مقالي بالقول إننا أمام مفترق طرق تاريخي، هذا الموقف الأوروبي الجديد، الذي بدأ يُحوّل الاستنكار إلى فعل، يجب ألا يُفقد كفرصة إنسانية فحسب، بل يجب أن يُلتقط ويُحوّل إلى رؤية سياسية عربية إسلامية موحدة لخدمة القضية الفلسطينية، ولقد انتهت الأعذار، وباتت الشعوب تنتظر ما هو أعظم من الكلمات، فليكن هذا الغضب الغربي شرارة لصحوة عربية إسلامية شاملة، تُعيد للأمة كرامتها، وتُحفظ بها ما تبقى من إنسانية في وجه أكبر إهانة لها، فلتتوحد الأمة، وتُعلن للعالم أن دماء غزة لن تذهب هدراً، وأن العدل قادمٌ ولو بعد حين.
تعليقات
إرسال تعليق