بقلم: فُؤَاد زَادِيكِي
إِنَّ الحَيَاةَ لَا تَسِيرُ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ، وَ لَا تَسْتَقِرُّ عَلَى حَالٍ وَاحِدٍ، بَلْ هِيَ دَائِمَةُ التَّغَيُّرِ وَ التَّطَوُّرِ، تَنْتَقِلُ بِنَا مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، وَ مِنْ شِدَّةٍ إِلَى فَرَجٍ، وَ مِنْ حُزْنٍ إِلَى فَرَحٍ. فَكَمْ مِنْ مَرَّةٍ شَعَرْنَا بِالضِّيقِ وَ الْكَرْبِ، وَ ظَنَنَّا أَنَّهُ لَا مَخْرَجَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ، وَ إِذْ بِالفَرَجِ يَأْتِي بَغْتَةً كَنُورِ الصَّبَاحِ بَعْدَ لَيْلٍ طَوِيلٍ.
إِنَّ الإِيمَانَ بِأَنَّ كُلَّ ضِيقٍ سَيَزُولُ، وَ أَنَّ كُلَّ كَرْبٍ لَهُ نِهَايَةٌ، هُوَ السِّرُّ فِي القُدْرَةِ عَلَى التَّحَمُّلِ وَ الثَّبَاتِ. فَالرَّجُلُ الَّذِي يُؤْمِنُ بِرَبِّهِ، وَ يَعْرِفُ أَنَّ اللَّهَ لَا يُضَيِّعُ عَبْدًا تَوَكَّلَ عَلَيْهِ، يَسِيرُ فِي طَرِيقِهِ وَ هُوَ مُتَطَمْئِنٌّ، لَا يَخَافُ مِمَّا قَدْ يَأْتِي، وَ لَا يَتَرَدَّدُ فِي أَنْ يُوَاصِلَ السَّيْرَ وَ إِنْ كَانَ الطَّرِيقُ وَعِرًا.
وَ لَكِنَّ هَذَا الإِيمَانَ لَا يَكْفِي وَحْدَهُ، فَهُوَ يَحْتَاجُ إِلَى مَا يُقَوِّيهِ وَ يُثْمِرُهُ، وَ ذَلِكَ بِالْعَمَلِ وَ الاجْتِهَادِ وَ السَّعْيِ المُسْتَمِرِّ. فَلَا يَجُوزُ لِلإِنْسَانِ أَنْ يَسْتَسْلِمَ لِلْكَسَلِ، أَوْ أَنْ يَتَقَاعَسَ عَنِ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ تَحْقِيقِ أَحْلَامِهِ، فَالفَرَجُ لَا يَأْتِي إِلَّا لِمَنْ يَسْتَحِقُّهُ.
كَمْ مِنْ أُنَاسٍ بَدَؤُوا مِنْ صِفْرٍ، وَ لَكِنْ لِأَنَّهُمْ آمَنُوا بِنُفُوسِهِمْ، وَ بِقُدْرَةِ رَبِّهِمْ، وَ لَمْ يَفْقِدُوا الأَمَلَ، صَارُوا نَمَاذِجَ لِلصُّمُودِ وَ النَّجَاحِ. فَهَذَا الَّذِي كَانَ فَقِيرًا أَمْسَى غَنِيًّا، وَ ذَلِكَ الَّذِي عَانَى مَرَضًا أَصْبَحَ صَحِيحًا، وَ تِلْكَ الَّتِي تَأَخَّرَتْ فِي التَّعَلُّمِ أَصْبَحَتْ مِنْ أَفْضَلِ العَالِمَاتِ.
لَا يُوجَدُ شَيْءٌ يَدُومُ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا، فَاللَّيْلُ يَتْبَعُهُ النَّهَارُ، وَ البُؤْسُ يَتْلُوهُ السُّرُورُ، وَ الدَّمْعَةُ تَعْقُبُهَا ابْتِسَامَةٌ. فَلْنَكُنْ عَلَى يَقِينٍ بِأَنَّ الفَرَجَ قَادِمٌ، وَ لْنَسْعَ إِلَيْهِ بِكُلِّ مَا نَمْلِكُ مِنْ قُوَّةٍ وَ إِرَادَةٍ.
تعليقات
إرسال تعليق