بقلم/ تغريد مصباح
كعادتي كل صباح ، خلف النافذة انتظره ، ليأتي بضوء الشمس ، لنؤدي معا صلوات العشق ، التمس من عينيه الدفء ، ومن خطواته الواثقة ، غدي الذي انتظره ، وكان كعادته يمر كنسيم البحر ، يداعب وجهي المشبع بحمرة خجلي ، حينما يطل على نافذتي ، حاولت أن أبث إليه ترانيم عشقي ، أنثر على جبهته ، باقات الورد الأحمر الفائر من وجهي ، لون البحر الطالع من عينيا ، أفرش له الأرض وردا والهواء عطرا .
أخيرا قررت أن أبث إليه غرامي ، كتب رسالة شرحت فيها حنيني وولعي ، وحينما انتهيت من كتابة رسالتي ، المعبقة بنيران شوقي ، شعرت أنها قد أوشكت على الاحتراق ، فشرعت أعيد كتابتها ، حاولت أن أخفف منها ، رائحة الشوق وطعم الحنين ، حتى انتهيت بعد محاولات عدة ، توقفت كثيرا عند أخر سطر فيها .. هل اكتب أسمى .. هل أفضح في مدينة العاشقين عشقي ، ساعات وساعات وأنا مستسلمة لوسادتي أسألها ، حتى قررت أن أرسلها بلا اسمي ، تركت لقلبه المعجون عشقا ، أن يفتش عن اسمي ، ملامح وجهي ، مأوى قلبي .
انتظرته كعادتي كل صباح ، حتى أطل بوجهه ، فأضاء جنبات عمري ، ألقيتها في طريقهواختبأت خلف النافذة وحدي ، الرعب يقتلني ، ألف ناقوس يدق في راسي ، نبضات قلبي كقطار طويل ، يضرب قضبان عمري ، توقف أمام رسالتي ، انحنى خجلا التقطها ، وكأنه يلتقط من الأرض قلبي ، رفع بصره تجاه مملكتي ، فتح رسالتي ، أخذ يرتل بصمت ، تراتيل عشقي ، حتى انتهى ، وروحي تهيم في سماوات العشق ، تفتش عن قلبي ، أطال النظر نحو البناية ، ابتسم ثم انصرف ، تركني وحدي وألف سؤال يطاردني .. تركني ما بين قلبي الذي احترق ولعا ، وجسدي الذي ارتجف خوفا ، رحل وترك لي بقايا ابتساماته ، وهو يحتضن رسالتي . لكنني رغم خوفي ، قررت أن اكتب رسالتي الثانية والثالثة والرابعة ، حتى أدمنت رسائله وأدمن هو احتضان رسائلي.
ذات مساء مر على غير عادته ، فأضاء الليل بنور وجهه ، أطل النسيم العليل يداعب وجهي ، اجتمعت الطيور تغرد على عتبات نافذتي ، اقترب من البناية ، دخلها كفارس جسور على صهوة جواده ، فارتجف قلبي ، هربت روحي ، أسرعت خلف الباب ، لأتابع وقع خطواته ، حتى اقترب من باب شقتنا ، فهرولت نحو غرفتي ، اختبئ بين وسادتي وسريري ، دقات قلبي تصارع روحي ، انتظرت أن يطرق الباب ، ساعات وساعات ولم يأتي ، حتى أيقنت انه حلم يراودني ، فهرولت نحو الباب أتحسس رائحته ، أفتش عن آثار خطواته ، فسمعت وقع أقدامه ، تغنى لحنا جميلا عبر أذني ، فتحت الباب ، فوجدته على عتبات شقة جارتنا ، وأصوات الزغاريد كطلقات الرصاص تمزق جدران قلبي ، لقد أخطأت العنوان يا حبيبي ، فأنا صاحبة الرسائل ، أنا الشمعة التي احترقت ، أنا الوردة التي انطفأت ، أنا من كنت خلف النافذة انتظرك .
تعليقات
إرسال تعليق