القائمة الرئيسية

الصفحات

الاهتمام... نَبْضُ الحُبِّ في ثَوبِ الفِعْل



بقلم: محمد علي إبراهيم


ليس الاهتمام كلمةً تُقال، بل حياةٌ تُهدى، ودفءٌ يُسكب، وعُمرٌ يُبذل في صمتٍ نبيل. هو ذاك الحنين الذي يوقظك على صوتٍ تعرفه أكثر مما تعرف نفسك، صوت امرأةٍ تعرف تماماً أن صباحك لا يكتمل إلا بها، فتحرص أن تُشعل لك اليوم بلهفة سلامٍ، ونبرة دعاء، وهمسة "انتبه لنفسك... فأنت كل ما لدي".


هي لا تحفظ فقط مواعيدك، بل تحفظ ملامحك، تنصت لنبضك من خلف البحار، تعرف أنك الآن تغادر عملك، فتسبقك بالاتصال... لا لتُحاسبك، بل لتطمئن أن من تُحبه على قيد السلامة.


هي لا تنتظر أن تطلب، لأنها تقرأك، تُحضر لك ما تحب، وتُغنيك عما لا تريد، تُنصت لما لم تقله، وتفهم ما لم تُفصح عنه. إذا مرضتَ كانت قبس الحنان، وإذا سعدتَ كانت أول المهنئين، تبتهج بك وكأن سعادتها من سعادتك تولد، وكأنك هي وهي أنت.


أهي امرأة؟ نعم... لكنها ليست كأي امرأة. إنها التي كلما اشتد عليك الغياب، كانت حضوراً لا يُغادر، والتي إن قسَت الدنيا، لانت بكلماتها، وإن ضاقت الغربة، اتسعت بأحاديثها.


أهي ملاك؟ لا، بل بشر، لكنها نُسجت من قلبٍ إذا أحبَّ أخلص، وإذا اهتمَّ أبدع، وإذا رافقَ كان ظلاً لا يفارق. لا تبخل بالاهتمام، ولا تُقيده بشرط، بل تمنحه كما تمنح الشمس ضياءها، والنسائم نسيمها، والسماء مطرها.


فلا عجب إن قلت عنها: هي نِعمة الله في دنيا الغربة، وروحٌ تسكنك وإن باعدتكم المسافات، بل إنكما روحان في جسدٍ واحد، وقلبان في نبضٍ واحد، وكأنها لم تُخلق إلا لتكون لك، ومعك، وفيك.


وما كل ما قيل إلا إشارات، وما ذُكر إلا أمثلة، وإلا فإن الاهتمام منها بحرٌ لا يُدرَك قاعه، وجبلٌ لا يُطال قمته.


هي متاع الدنيا وحُسْنُها، وزينتُها وعِطرها، هي الزوجة الصالحة.


قال تعالى:

"فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله"

سورة النساء، الآية 34


وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة"

رواه مسلم

تعليقات