القائمة الرئيسية

الصفحات

عبارة: الله أخذ أمانته

العبارة "الله أخذ أمانته" تُقال عند وفاة شخص للإشارة إلى أنّ الحياة هبةٌ من الله، و أنّ الإنسان في الأصل أمانة عند ربّه، فإذا مات، فقد استعاد الله أمانته.

المقاصد و المعاني وراء العبارة:

التّسليم بقضاء الله و قدره: تعبّر الجملة عن الإيمان بأنّ الموت حقّ، و أنّه جزءٌ من سنن الحياة، التي قدّرها الله.

التّخفيف عن أهل المتوفّى: تُقال هذه العبارة للتّخفيف عن أهل الفقيد، و تذكيرهم بأنّ الله أرحم بعباده و أنّ ما حدث هو لحكمة إلهيّة.

التّذكير بأنّ الحياة مؤقّتة: تشير إلى أنّ الإنسان ليس مالكًا لحياته، بل هي وديعةٌ من الله، و عند انتهائها تعود إليه.

الرّضا و التّصبّر: تدعو إلى الرّضا بالقضاء و القدر، و تشجّع على الصّبر و الاحتساب.

الرؤية الدينيّة:

من منظور إسلامي، الحياة و الموت بيد الله وحده، كما جاء في القرآن:
"إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ" (البقرة: 156)، و هي الآية التي تُقال غالبًا عند سماع خبر الوفاة.

بالتُالي، العبارة تعكس مشاعر الحزن، لكنّها تحمل أيضًا طابعًا إيمانيًّا يعزّز الصّبر و التّسليم بأمر الله.

إنّ هذا المفهوم ليس حصريًّا على الإسلام، بل يوجد في ديانات أخرى أيضًا، حيث تعبّر العديد من العقائد عن فكرة أنّ الحياة هبة من الخالق و أنّ الموت هو استردادٌ لهذه الأمانة. إليك بعض الأمثلة:

1. المسيحية:

في المسيحية، يُنظَر إلى الحياة على أنّها عطيّة من الله، و الموت هو عودة الرّوح إليه. تقول بعض النّصوص في الكتاب المقدّس:

"الرب أعطى و الرب أخذ، فليكن اسم الرب مباركًا" (أيوب 1:21)، و هي عبارة تعبّر عن الإيمان بأنّ الحياة و الموت بيد الله.

يُستخدم تعبير "استدعاه الله" أو "عاد إلى رحمة الله" للإشارة إلى عودة الإنسان إلى خالقه.
2. اليهوديّة:

في اليهوديّة، هناك مفهوم مشابه، حيث يُنظر إلى الحياة كأمانة من الله، و عند الوفاة تعود الروح إليه. يستند هذا إلى نصوص مثل:

"فيرجع التّراب إلى الأرض كما كان، و ترجع الرّوح إلى الله، الذي أعطاها" (سفر الجامعة 12:7).

العبارة الشائعة عند التعزية "باروخ دايان هامت" (مبارك قاضي الحق) تعبّر عن التسليم بمشيئة الله.

3. الهندوسيّة و البوذيّة:

في الهندوسيّة، يُعتقد أنّ الرّوح خالدة، و أنّها تنتقل من جسد إلى آخر، و لكن تبقى فكرة أنّ الحياة مؤقتة و الجسد ليس ملكًا للإنسان نفسه. تُستخدم عبارات مثل "عاد إلى دار الحق" أو "انتهى دوره في هذا العالم".
أما في البوذيّة، فالحياة تُعتبر مرحلة من دورات التّناسخ، و الموت يُنظر إليه كجزء طبيعيُ من التغيّر الأبديّ في الوجود.

في الزرادشتية، و هي من أقدم الديانات التوحيدية، هناك مفهوم مشابه لفكرة أنّ الروح تعود إلى مصدرها الإلهي بعد الموت. وفقًا للعقيدة الزرادشتيّة:

الحياة عطية من أهورامزدا (الإله الأعلى): يُنظر إلى الحياة على أنّها نعمة من أهورامزدا، الإله الحكيم في الزرادشتية. و عندما يموت الإنسان، فإنّ روحه تمرّ برحلة روحيّة لتقييم أفعاله في الحياة.

عودة الروح و محاسبتها:

بعد الموت، يُقال إنّ روح الإنسان تبقى لثلاثة أيام بالقرب من الجسد، و خلال هذه الفترة تتذكّر أعمالها الصّالحة أو السّيئة.

في اليوم الرّابع، تعبر الروح "جسر شينفات"، و هو الجسر، الذي يفصل بين عالم الأحياء و عالم الآخرة.

إذا كانت أعمال الإنسان صالحة، يعبر الجسر بسهولة إلى الجنة (بيت الأغنية)، و إذا كانت سيئة، يسقط في الجحيم (بيت الأكاذيب).

الموت ليس النهاية: الزرادشتيون يؤمنون بأنّ هناك يومًا للحساب النهائي، حيث ستُبعث الأرواح من جديد، و سيتمّ القضاء على الشّرّ، و يعود الجميع إلى النّقاء الأصلي.

ما علاقة هذا بعبارة "الله أخذ أمانته"؟

في الزرادشتية، لا يُستخدم تعبير مشابه تمامًا، لكنّ الفكرة الجوهرية قريبة جدًا: الحياة مؤقتة، و الروح في النّهاية تعود إلى حيث جاءت، و تُحاسب وفقًا لأفعالها. بمعنى آخر، يمكننا القول إنّ الزرادشتية تشترك مع الديانات الإبراهيمية في الإيمان بأنّ الموت هو انتقال و ليس فناءً، و أنّ الرّوح تعود إلى مصدرها الإلهي وفقًا لنظام أخلاقيّ محدّد.

الخلاصة:

فكرة أنّ الحياة أمانة و أنّ الموت هو عودة إلى الأصل أو إلى الخالق موجودة في كثير من الأديان، و إنِ اختلفت التّفاصيل الفلسفيّة و اللاهوتيّة. عبارة "الله أخذ أمانته" في السّياق الإسلامي لها نظير في معظم العقائد، التي تؤمن بوجود قوّة إلهيّة تمنح الحياة و تستردّها وفقًا لمشيئتها.
 AI

تعليقات