القائمة الرئيسية

الصفحات

مقالة تبادل المشاعر بين الذكر والأنثى

تَبَادُلُ الْمَشَاعِرِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَ الْأُنْثَى

بقلم: فؤاد زاديكي

يَبْدَأُ تَبَادُلُ الْمَشَاعِرِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَ الْأُنْثَى بِنَظْرَةٍ خَجُولَةٍ، أَوْ لَمْسَةٍ خَفِيفَةٍ، أَوْ كَلِمَةٍ تَنْفَلِتُ صَادِقَةً مِنْ أَعْمَاقِ الْقَلْبِ.
فِي الْبِدَايَةِ، يَكُونُ الْخَوْفُ طَاغِيًا، وَ الْخَجَلُ يَحْفُرُ مَسَارَهُ عَلَى تَعَابِيرِ الْوُجُوهِ.
لَكِنَّ الْقُلُوبَ الصَّادِقَةَ تَعْرِفُ طَرِيقَهَا إِلَى بَعْضِهَا، وَ تَتَفَتَّحُ الْكَلِمَاتُ كَأَزَاهِيرَ رَبِيعِيَّةٍ عَلَى طُرُقَاتِ الْعِشْقِ.

لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ هُنَاكَ مَوَانِعُ أَخْلَاقِيَّةٌ أَوْ اجْتِمَاعِيَّةٌ تَضَعُ حُدُودًا لِهٰذَا التَّبَادُلِ.
فَالتَّرَبِّيَةُ وَ الْعَادَاتُ وَ الْقِيَمُ الْمُجْتَمَعِيَّةُ تَفْرِضُ قُيُودَهَا، وَ تَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ التَّعْبِيرُ عَنِ الْمَشَاعِرِ مُهَذَّبًا وَ مُحْتَرِمًا.
وَمَعَ ذٰلِكَ، فَإِنَّ الْمَشَاعِرَ الْحَقِيقِيَّةَ لَا تَحْتَمِلُ الْكَبْتَ وَ الْقَمْعَ. إِذَا كَانَ التَّعْبِيرُ نَقِيًّا وَ صَادِقًا، فَلَا ضَيْرَ مِنَ التَّمَرُّدِ عَلَى بَعْضِ الْمَوَانِعِ، الَّتِي تَخْنُقُ الرُّوحَ وَ تُحَاصِرُ الْإِحْسَاسَ.

فَالْحُبُّ يُرِيدُ فَضَاءَهُ الْوَاسِعَ، وَ الْعِشْقُ يَحْتَاجُ إِلَى حُرِّيَّتِهِ كَمَا تَحْتَاجُ الْأَزَاهِيرُ إِلَى الضِّيَاءِ وَ الْمَاءِ.
لَا يَجِبُ أَنْ نَكْبِتَ نَبْضَ الْقُلُوبِ، وَ لَا أَنْ نَحْبِسَ حُرِّيَّةَ التَّعْبِيرِ النَّقِيِّ الْمُعَبِّرِ عَنْ صِدْقِ الْإِحْسَاسِ.

وَ فِي الْمَقَابِلِ، يَجِبُ أَنْ نَحْتَرِمَ الْمَوَانِعَ، الَّتِي تَكُونُ مَبْنِيَّةً عَلَى الْقِيَمِ الْإِنسَانِيَّةِ السَّامِيَةِ، كَحُرْمَةِ الْجَسَدِ، وَ كَرَامَةِ الْمَشَاعِرِ، وَ أَدَبِ الْخِطَابِ.

فَالحُرِّيَّةُ الْحَقِيقِيَّةُ لَا تَعْنِي الْفَوْضَى، بَلْ تَعْنِي أَنْ نَكُونَ صَادِقِينَ وَ مُحْتَرِمِينَ فِي مَا نُبَادِلُهُ بَعْضُنَا بَعْضًا. وَ مِنْ هُنَا، يَكُونُ الْحُبُّ جَمَالًا وَ نُبْلًا، وَ يُصْبِحُ الْعِشْقُ سَبِيلًا إِلَى سَعَادَةٍ صَافِيَةٍ، تَتَفَجَّرُ فِيهَا الْمَشَاعِرُ صَدْرًا وَ عِطْرًا.

التَّمَرُّدُ مَطْلُوبٌ، لَكِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ تَمَرُّدًا حُرًّا مَسْؤُولًا، يَحْفَظُ الْحُبَّ وَ يَصُونُ الْكَرَامَةَ، وَ يُحَقِّقُ الْوِئَامَ بَيْنَ الرُّوحِ وَ الْجَسَدِ. فَتَبَادُلُ الْمَشَاعِرِ هُوَ أَجْمَلُ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَحْدُثَ بَيْنَ رَجُلٍ وَ امْرَأَةٍ.
وَ هُوَ ذٰلِكَ الْمَوْعِدُ الْمُقَدَّسُ، الَّذِي فِيهِ تَتَكَلَّمُ الْعُيُونُ قَبْلَ الْكَلِمَاتِ، وَ تَنْطِقُ الْأَيْدِي قَبْلَ اللِّسَانِ، وَ تَرْتَجِفُ الْأَرْوَاحُ فِي مَرَاحِ الرَّغَبَةِ وَ الشَّوْقِ.

فَلْيَكُنْ لِلتَّعْبِيرِ مَجَالُهُ، وَ لْتَكُنْ لِلْمَوَانِعِ مَكَانَتُهَا، وَ عَلَيْنَا أَنْ نَزِنَ الْأَمُورَ بِحِكْمَةٍ، وَ نُعَبِّرَ عَمَّا نُحِسُّ بِهِ بِصِدْقٍ وَ رُقِيٍّ.

تعليقات