القائمة الرئيسية

الصفحات



كتب/ أيمن بحر 


وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما يا لها من حكمة تسكن عمق الكلمات كأنها سرّ قديم أودعه الخالق فى قلوب أولى الألباب.. أن تختار السلام لا يعنى أنك ضعيف بل أنك تجاوزت حدود القوة التقليدية إلى مساحة لا يطالها إلا الكبار.. أن تكون قادرا على الرد ثم تصمت أن تُفتح لك أبواب الانتقام فتختار أن تتركها موصدة تلك هى البطولة التى لا يعترف بها هذا العالم الموبوء بالصراخ. 

المحبة يا صديقى ليست شعورًا عابرًا يلوّن أيامنا، بل هى اختبار نواجه فيه أنفسنا قبل الآخرين.. أن تحب يعنى أن تتعلم فن النسيان نسيان الإساءة نسيان الصخب ونسيان الجروح التى تركها الجاهلون فيك.. أن تحبّ يعنى أن تضع يدك على قلبك الذى أنهكته الحروب الصغيرة وتهمس له: كن سلامًا لأنك أكبر من أن تكون ساحة معركة. 

هناك من يظن أن المحبة ضعف كأن العطاء طواعية يقلل من قيمتنا أو كأن الصمت أمام الجاهل يشى بانهزامنا. لكنهم لا يعلمون أن المحبة هى الوجه الآخر للسيادة وأن الصمت ليس إلا لغة العظماء.. المحبة هى أن تعبر العالم بلا ضغائن أن تسير فى الطرقات حافى القلب وتزرع تحت كل خطوة وردة حتى لو كنت تعلم أن البعض سيمرّ ليدوسها. 

فى المحبة تتسع القلوب كما لو كانت سماء تلمّ شتات العالم دون أن تفرّق بين عدوّ وصديق.. فيها تصبح الجروح أوسمة لا لأنك نسيتها بل لأنك تعلمت أن تبتسم أمامها.. ليس لأنك ضعيف بل لأنك تعلم أن الحياة ليست حلبة ملاكمة بل قصيدة تُتلى وكل بيت فيها يحمل درسا يليق بمن يتقن الإصغاء.

تعليقات