القائمة الرئيسية

الصفحات

ما تبقى من سوريا ... إلى أين ؟؟؟



بقلن د / هاني المصري


سوريا، بموقعها الجغرافي الاستراتيجي في قلب الشرق الأوسط، عانت لعقود من الصراعات الداخلية والتدخلات الخارجية التي زادت من تعقيد المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي فيها. يمكن تحليل واقع سوريا الحالي من خلال محورين رئيسيين: الصراعات الداخلية وأطماع دول الجوار.  


أولًا : الصراعات الداخلية  

1. الأزمة السياسية والحرب الأهلية  

   منذ عام 2011، دخلت سوريا في دوامة من العنف نتيجة الاحتجاجات الشعبية التي تحولت إلى نزاع مسلح بين الحكومة والفصائل المعارضة، ما أدى إلى تفكك مؤسسات الدولة وانتشار الفوضى.  


2. تعدد القوى المتحاربة  

   بالإضافة إلى الجيش السوري والفصائل المعارضة، برزت جماعات متطرفة مثل "داعش" وهيئة تحرير الشام، ما زاد من تعقيد الأزمة. كما أن الميليشيات الكردية المدعومة غربيًا فرضت نفسها كقوة رئيسية شمال البلاد، ما زاد من تفتيت السلطة المركزية.  


3. التحديات الاقتصادية  

   الحرب دمرت الاقتصاد السوري، وأدت إلى انهيار الليرة السورية، وانتشار الفقر والبطالة. كما أن العقوبات الاقتصادية الغربية زادت من الضغوط على الشعب، ما عمّق الأزمة الإنسانية.  


ثانيًا : أطماع دول الجوار  

1. تركيا  

   - تسعى أنقرة إلى تأمين حدودها الجنوبية عبر إنشاء "منطقة آمنة" داخل سوريا، بحجة مواجهة التهديد الكردي.  

   - تدخلها العسكري في الشمال السوري يعكس رغبتها في التأثير على مستقبل البلاد، خصوصًا فيما يتعلق بوضع الأكراد.  

   - تركيا أيضًا تستخدم ملف اللاجئين كورقة ضغط على أوروبا وسوريا.  


2. إيران 

   - تدعم طهران الحكومة السورية عسكريًا واقتصاديًا، وتسعى إلى تعزيز نفوذها في المنطقة عبر إنشاء ممر بري يصلها بلبنان عبر العراق وسوريا.  

   - تسعى لتغيير التوازن الديموغرافي من خلال دعم التوطين في بعض المناطق السورية لتعزيز نفوذها الطائفي.  


3. إسرائيل  

   - تنفذ غارات جوية متكررة على الأراضي السورية لمنع تمدد النفوذ الإيراني ولضرب قدرات حزب الله العسكرية داخل سوريا.  

   - تسعى إلى إبقاء سوريا ضعيفة وممزقة، منعًا لقيام أي قوة تهدد أمنها مستقبلاً.  


4. الولايات المتحدة وروسيا  

   - أمريكا تدعم الأكراد وتتمركز في شمال شرق سوريا حيث توجد ثروات النفط والغاز، وتسعى لمنع إيران وروسيا من الهيمنة على البلاد.  

   - روسيا تدعم الحكومة السورية عسكريًا وسياسيًا، وتعتبر سوريا بوابتها للوجود في البحر المتوسط.  


ختاماً  

سوريا تحولت إلى ساحة صراع دولي وإقليمي حيث تتصارع قوى كبرى وإقليمية لتحقيق مصالحها، فيما يعاني الشعب السوري من التهجير، الفقر، والدمار. مستقبل سوريا يعتمد على قدرة الأطراف المحلية والدولية على إيجاد تسوية سياسية تعيد للبلاد استقرارها وسيادتها، وهو أمر يبدو بعيد المنال في الوقت الراهن.

تعليقات