القائمة الرئيسية

الصفحات

غزة في رمضان: صيام بلا سحور وإفطار بلا طعام


محمود سعيدبرغش 

الحصار والجوع والمعاناة التي يعيشها أهل غزة ليست مجرد أخبار تتناقلها وسائل الإعلام، بل هي واقع مرير يعيشه ملايين الأبرياء الذين يُحرمون من أبسط حقوقهم، حتى في أعظم شهور الرحمة والخير، شهر رمضان.


رمضان في غزة: معاناة بلا حدود


يستقبل أهل غزة رمضان هذا العام كما في الأعوام السابقة، وسط حصار خانق يمنع عنهم الطعام والدواء، ويزيد من معاناتهم، حتى صار كثير منهم يصومون بلا سحور، ويؤذن المغرب بلا فطور. هذه المعاناة ليست فقط مأساة إنسانية، بل هي صورة صارخة للظلم الذي نهى الله عنه في كتابه العزيز، حيث يقول سبحانه:


> "وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ" (إبراهيم: 42).


فما أعظم هذا التحذير لمن يظلمون عباد الله، ويحاصرونهم حتى في أبسط حقوقهم.


الجوع في الإسلام: اختبار أم عقوبة؟


الجوع ليس مجرد إحساس، بل هو اختبار من الله لعباده، كما قال سبحانه:


> "وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ" (البقرة: 155).


لكن حين يكون الجوع بفعل الظلم والعدوان، فإنه يتحول إلى جريمة يُحاسب الله عليها الظالمين، كما قال النبي ﷺ:


> "اتَّقُوا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهَا تُحْمَلُ عَلَى الغَمَامِ، يَقُولُ اللَّهُ: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَأَنْصُرَنَّكَ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ" (رواه الطبراني).


وهكذا، فإن من يمنع الطعام عن أهل غزة، ومن يحاصرهم، قد يعرض نفسه لدعوات المظلوم التي لا ترد.


واجب الأمة الإسلامية


ليس من الإنسانية أن نرى إخواننا في غزة يعانون، ثم نغفل عن مساعدتهم. يقول النبي ﷺ:


> "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى" (متفق عليه).


فكيف يكون جسد الأمة سليماً، وأحد أعضائها يعاني الجوع والحرمان؟ إن أقل ما يجب علينا هو الدعاء لهم، وبذل كل ما نستطيع لمساعدتهم، سواء بالدعم المادي أو نشر قضيتهم، حتى يعلم العالم حجم الظلم الواقع عليهم.


الخاتمة


ما يحدث في غزة امتحان للأمة، فإما أن نكون مع الحق ونساند المظلوم، أو نخذلهم بصمتنا وتقاعسنا. ورمضان فرصة لنا جميعًا لنراجع أنفسنا، ونتذكر أن الإحسان في هذا الشهر المبارك ليس فقط لمن حولنا، بل لكل محتاج في أي بقعة من الأرض.


نسأل الله أن يفرّج عن أهل غزة كربهم، وينتقم ممن ظلمهم، ويكتب لهم الأجر على صبرهم، فهو القائل:


> "إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ" (الزمر: 10).

تعليقات