القائمة الرئيسية

الصفحات

بعد تصدرها التريند العالمي "عالم يتنفس الموت": منذر رياحنة ومارغو حداد يقدمان رواية تلامس وجدان الإنسان العربي



القاهرة الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر 


في مفاجأة أدبية لافتة، تصدرت رواية "عالم يتنفس الموت" للفنان منذر رياحنة والفنانة مارغو حداد مبيعات معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الحالية، لتثبت بذلك قوتها الأدبية وقدرتها على جذب الأنظار في ظل منافسة شديدة بين الأعمال الأدبية الحديثة. الرواية التي صدرت عن دار "ن" للنشر في مصر، تأتي كنتاج جهد مشترك بين كاتبين لا يزالان يحتفظان بصورتهما في الذاكرة الشعبية؛ أحدهما ممثل معروف، والآخر شاعرة تلامس قلوب القراء بكلماتها الصادقة.


الكتاب الذي لم يكن يتوقع له أن يحقق هذه الانتشار الواسع في فترة زمنية قصيرة، يتناول قصة ذات أبعاد إنسانية عميقة ومؤلمة، تحمل في طياتها انعكاسات عن واقع الحياة العربية المتشابك بالألم والفقدان، وهو ما يجعلها بمثابة مرآة لواقع كثير من الناس. ومن خلال دمج الخيال مع الواقع، يفتح الكاتبان نافذة إلى عالم مختلف، لكن في الوقت ذاته، هو عالم قريب من آلام وتجارب القراء اليومية.


الخيال والواقع في الرواية: مزيج مؤثر

اقرا ايضاشتات الروح

تستعرض الرواية، من خلال حكايات متشابكة، مواقف إنسانية تصارع فيها الشخصيات مع صراعات داخلية تتراوح بين البحث عن الذات والهروب من واقع مليء بالصراعات. "عالم يتنفس الموت" لا تكتفي بتقديم سردية عادية، بل تغوص في أعماق الروح الإنسانية، مستوحية من أحداث شخصية عاشها الكاتبان، لتشبع القارئ بمشاعر إنسانية صادقة وواقعية.


القصص التي تدور في الرواية تتنوع بين الحروب والمآسي، حيث تسلط الضوء على معاناة الإنسان العربي في ظل التحديات الحياتية اليومية التي تمثلها الحروب، الفقدان، والصراعات الداخلية. ولكن حتى في ظل هذه الصراعات، تبقى الأحلام مدفوعة بالأمل في الخلاص من هذا الواقع، في توازن بين اليأس والأمل، كما يظهر جليًا في الرواية.


شخصيات تحمل الألم


أحد أهم ما يميز "عالم يتنفس الموت" هو قدرتها على تجسيد شخصيات مليئة بالتعقيد الداخلي، شخصيات تجد نفسها عالقة في دوامة من الأحزان والتجارب المرة. الكتاب لا يحاول فقط أن يسرد قصصًا عن الألم بل يبرز كيفية تأثير هذه التجارب على شكل الشخصيات وكيفية تقبّلهم لعجزهم أو محاولاتهم الفاشلة في تغيير قدراتهم. هذا الصراع النفسي يشكل الرابط العاطفي القوي بين الرواية وقرائها، حيث يجد كل قارئ نفسه في أحد هذه الشخصيات.


أوجاع الإنسان العربي: مرآة للواقع


الرواية، من خلال عرضها لهذه الحكايات المتعددة، تعكس بشكلٍ عميق وجدان الإنسان العربي في ظل واقع ملبد بالحروب والفقدان، وما يمكن أن يتركه ذلك من جروح نفسية وذكريات مؤلمة. إلا أن الأمل يبقى حاضراً، ولو بشكل خفي، في معظم اللحظات التي تعكس فيها الشخصيات رغبتها في التغيير والنهوض من جديد. هذه الدراما الإنسانية لم تكن مجرد سرد بل تأكيد على حقيقة أن الألم لا يشكّل النهاية، بل هو بداية لفهم الذات والتكيف مع الحياة القاسية.


إن هذا التركيز على معاناة الإنسان العربي، إضافة إلى الأسلوب السردي المشوق الذي يقدمه الكاتبان، يجعل "عالم يتنفس الموت" رواية محورية في الأدب المعاصر، إذ أن هكذا نوع من الأدب لا يقدم مجرد قصص، بل يعكس حقيقة مريرة عن الحياة ومآسيها التي يعيشها ملايين البشر. إنه تمثيل حي للواقع العربي المعاصر الذي لم يغادره الألم، ولكنه أيضًا يسلط الضوء على الأمل في قلبه، في محاولةٍ دائمة للبحث عن معنى وسط كل ما يحدث.


حقق "عالم يتنفس الموت" صدى واسعًا في أوساط القراء والنقاد على حد سواء. ولعل نجاحها في معرض القاهرة الدولي للكتاب ليس سوى بداية لانتشار أوسع. يبرز الكتاب كتجربة أدبية متكاملة تجمع بين الفن والسرد والحس الإنساني العميق. من المؤكد أن هذه الرواية ستستمر في جذب الأجيال القادمة، لتكون علامة بارزة في الأدب العربي المعاصر، تمامًا كما كان متوقعًا لها من خلال التفرد الأسلوبي والمضمون العميق الذي تقدمه.

تعليقات