كتب/ أيمن بحر
تمر إيران اليوم بمرحلة ضعف غير مسبوقة منذ الحرب الإيرانية-العراقية فى الثمانينات حيث تشهد القوى الحليفة لإيران مثل حزب الله وحماس تراجعًا فى قوتها العسكرية والسياسية بالتزامن مع انهيار نظام بشار الأسد فى سوريا بينما نجحت إسرائيل فى فرض هيمنتها فى المواجهات الأخيرة مع طهران.
فى ظل هذه المتغيرات تواجه إيران قرارًا استراتيجيًا حاسمًا: هل تسعى إلى امتلاك السلاح النووى بسرعة مع ما قد يترتب على ذلك من مخاطر توجيه ضربة عسكرية وقائية من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل؟ أم تبحث عن صفقة جديدة مع إدارة أميركية بقيادة دونالد ترامب وهو ما قد يستلزم إعادة النظر فى سياساتها الإقليمية؟
يقدم كتاب محسن ميلانى تحليلًا معمقًا لكيفية بناء إيران لنفوذها الإقليمى على مدى السبعين عامًا الماضية.
يشير ميلانى إلى أن التحالفات التى أرستها إيران تمتد عبر العهود المختلفة بدءًا من حقبة الشاه محمد رضا بهلوى (1941-1979) حيث دعم الشاه الجماعات الشيعية فى لبنان واليمن لمواجهة النفوذ العربى القومى.
فى هذا السياق يشير الكتاب إلى أن الثورة الإسلامية استكملت هذا المسار عبر تأسيس حزب الله فى لبنان بعد الغزو الإسرائيلى عام 1982 ودعم الحوثيين فى اليمن. هذه الجماعات أسهمت لاحقًا فى تعزيز النفوذ الإيرانى خارج حدودها يرى ميلانى أن الحرب العراقية الإيرانية فى الثمانينات لعبت دورًا حاسمًا فى تثبيت الثورة الإيرانية حيث ساعدت فى صعود الحرس الثورى الإيرانى (IRGC) الذى تبنى تكتيكات الحرب غير المتكافئة ولاحقًا قام بتوسيع هذه التكتيكات إلى العراق وسوريا ولبنان.إلا أن نفوذ إيران بدأ بالتراجع فى القرن الحادى والعشرين رغم ذروة قوتها بعد الغزو الأميركى للعراق عام 2003 حيث استطاعت إيران حينها توسيع نفوذها مستغلةً الفوضى الناتجة عن سقوط نظام صدام حسين.
غير أن الهجوم الذى شنته حماس على إسرائيل فى 7 أكتوبر 2023 أدى إلى تحول استراتيجى ضد إيران حيث دفعت إسرائيل نحو إنهاء وجود الميليشيات المعادية لها وسقط نظام الأسد فى سوريا نتيجة ضعف الدعم من روسيا وإيران وحزب الله بعد هذه الأحداث.يظهر فى الكتاب دور قاسم سليمانى القائد السابق لفيلق القدس الذى كان العقل المدبر لتنسيق محور المقاومة.
يرى الكاتب أن اغتياله فى يناير 2020 كان نقطة تحول أدت إلى فقدان إيران السيطرة على العديد من الفصائل المسلحة التابعة لها ما ساهم فى تراجع نفوذها الإقليمى.يتساءل ميلانى عمّا إذا كانت المواجهة بين إيران وأميركا هى المحور الأساسى للنظام الإيرانى لكنه يشير إلى أن الأولوية القصوى للقيادة الإيرانية هى الحفاظ على النظام الإسلامى حتى مع تناقص تأييد الشعب له
يرى الكاتب أن سياسة طهران العدائية تجاه إسرائيل والولايات المتحدة ليست فقط جزءًا من استراتيجية إقليمية بل أداة لقمع المعارضة الداخلية وإضفاء شرعية على النظام.
يقدم كتاب ميلانى تحليلا دقيقًا لكيفية بناء إيران لنفوذها الإقليمى خلال العقود الماضية كما يسلط الضوء على التحديات التى تواجهها في المستقبل.
ومع دخول عام 2025، يبدو أن إيران أمام مفترق طرق استراتيجى قد يحدد مستقبلها لسنوات قادمة.
تعليقات
إرسال تعليق