القائمة الرئيسية

الصفحات

من سلسلة: صوت الحياة عبر مراحل العمر للكاتب إدريس ابورزق   

الحلقة الأولى : وسادة الطفولة

كانت وسادة الطفولة صغيرة، بحجم رأسٍ صغير مليء بالأحلام الوردية. كانت مغطاة بقماشٍ منقوش برسومات الأزهار والدببة، تعكس عالم البراءة حيث كل شيء يبدو بسيطًا ومليئًا بالألوان. كانت تعرف كل ليلة أنها ستتحول إلى أرضٍ للحكايات الطفولية، وجهةً آمنةً تهرب إليها الأحلام والأسرار الصغيرة.

في إحدى الليالي، ألقت "ليلى"، الفتاة ذات الأربع سنوات، رأسها الصغير على الوسادة. كان الظلام يحيط بالغرفة، لكن ظلامها لم يكن مرعبًا؛ فقد كان مسرحًا لخيالها الطفولي. همست "ليلى" للوسادة:
"هل تعلمين؟ اليوم أخذتُ ألعابي للخارج. لكن الأرنب لم يعجبه الطين."
لم ترد الوسادة، كما هو حالها دائمًا، ولكنها شعرت بالفرح الطفولي في الكلمات. كانت قادرةً على سماع دقات قلب ليلى الصغيرة، كأنها سيمفونية تملؤها الحياة.

بعد لحظة، أمسكت ليلى بالأرنب القماشي، عانقته وهمست في أذنه، ثم نظرت إلى الوسادة كأنها تتأكد من أنها ما زالت مستمعة. قالت بصوت مرتعش:
"أعتقد أنني رأيت الوحش في الحديقة اليوم… لكنه لا يبدو مخيفًا كما تقول ماما."

ابتلعت الوسادة ذلك الاعتراف، تحملت الخوف البسيط الذي أخرجته ليلى بهدوء. كانت معتادةً على هذه المخاوف، تعرف أنها ستختفي بمجرد أن تغلق ليلى عينيها.

ومع مرور الليل، بدأت الوسادة تستقبل الأحلام. كان العالم بداخل رأس ليلى مليئًا بالزهور الطائرة والحيوانات التي تتكلم، مكانًا لا يعرف الخوف أو الألم. حتى عندما أصدرت ليلى صوت أنين خفيف، كان ذلك صوت رحلة مغامرات داخل حلم غامض.

وعندما أتى الصباح، تركت ليلى الوسادة بعيون مليئة بالنعاس. كانت الوسادة الآن تفكر في الليلة المقبلة، متشوقة لتسمع مغامرات جديدة، أحلامًا بريئة، وهمسات طفولة تعيد لها معنى الحنان والبراءة.

كانت تلك وسادة الطفولة: ساحة أمانٍ لأحلامٍ لا تنتهي، حيث الكلمات الصغيرة تصبح أسرارًا كبيرة، والخوف يتحول إلى طيف يتبدد عند أول ضوءٍ للصباح.

تعليقات