القائمة الرئيسية

الصفحات

بين الناتو وروسيا.. من يفرض شروطه؟



كتب/ أيمن بحر 


تشهد الأزمة الأوكرانية تطورات متسارعة على كافة الأصعدة وسط اعتراف أمين عام حلف شمال الأطلسى مارك روتا بأن أوكرانيا ليست فى موقع قوة يسمح لها بالدخول فى مفاوضات سلام مع روسيا.


تصريح يفتح بابًا واسعًا للتساؤل بشأن مستقبل الصراع ومدى قدرة أوكرانيا على مواجهة الضغوط العسكرية والسياسية خصوصًا فى ظل مؤشرات على تغير مواقف دولية رئيسية أبرزها التحركات الأخيرة للإدارة الأميركية بقيادة دونالد ترامب.

مارك روتا الأمين العام للناتو، أوضح أن أوكرانيا تحتاج إلى تعزيز قدراتها العسكرية لضمان موقع قوى على طاولة المفاوضات. هذا الاعتراف يعكس واقعًا يفرضه الميدان؛ حيث ما تزال القوات الروسية تحتفظ بزمام المبادرة فى عدة جبهات.ويرى الباحث السياسى محمد العروقى خلال حديثه أن أوكرانيا تعتمد بشكل مطلق على الدعم الغربى فى صمودها وإذا أرادت التفاوض مع روسيا، فلا بد أن تكون متسلحة بملفات قوة تجعلها ندًا مكافئًا.


وأشار العروقى إلى أن الغرب بدأ يدرك أن تعزيز أوكرانيا بأسلحة نوعية وضمانات أمنية هو الخيار الوحيد لوقف الطموحات الروسية. فالحرب الدائرة منذ ثلاث سنوات أثبتت أن أي تنازل أو ضعف فى الموقف الأوكرانى قد يؤدي إلى إعادة تكرار الغزو الروسى مستقبلًا.

اقرا ايضا وهم الخُلود

العودة المحتملة لدونالد ترامب إلى البيت الأبيض تضيف بُعدًا جديدًا للأزمة. تعيينه مبعوثا خاصًا لروسيا وأوكرانيا أعاد الحديث عن خطة تسوية مثيرة للجدل. الخطة، بحسب مستشاري ترامب، تتضمن وقف الدعم العسكري لكييف والتنازل عن أجزاء من الأراضي الأوكرانية لروسيا، مقابل إنهاء الصراع.العروقى وصف هذه التحركات بأنها رسائل متناقضة مشيرًا إلى أنه من المبكر جدًا الحديث عن خطة سلام محكمة. فترامب قد يضغط على أوكرانيا لفرض تنازلات لكنه فى الوقت نفسه يعلم أن تحقيق توازن بين المطالب الروسية والطموحات الأوكرانية أمر بالغ الصعوبة.


ومع ذلك فإن هذه الخطوة قد تشكل عامل ضغط إضافى على القيادة الأوكرانية التى تصر على الانسحاب الكامل للقوات الروسية من أراضيها.على الأرض ما تزال أوكرانيا تظهر صمودًا فى بعض الجبهات رغم ضعفها النسبى. العمليات العسكرية بما فى ذلك استخدام الطائرات المسيّرة والهجمات الإلكترونية ساعدت أوكرانيا على توجيه ضربات نوعية للمنشآت الروسية، ما يعكس قدرة محدودة على المناورة.


لكن العروقى يرى أن هذه الإنجازات العسكرية بحاجة إلى دعم متواصل من الغرب. فإذا أرادت أوكرانيا تحقيق مكاسب حقيقية على طاولة المفاوضات فلا بد أن تواصل صمودها فى الميدان وتعزز قدراتها الدفاعية والهجومية.


وفى السياق ذاته زيارة وزير الدفاع الألمانى إلى كييف والتى لم يعلن عنها مسبقًا لدواعٍ أمنية تأتى فى إطار تكثيف المساعدات العسكرية. المسؤول الألمانى أكد أن تعزيز المساعدات بشكل فعال ضرورة قصوى لضمان صمود أوكرانيا


الناتو من جهته يبدو أكثر إصرارًا على دعم أوكرانيا رغم إدراكه لمحدودية قدراتها الحالية. ويشير العروقى إلى أن الغرب والناتو يدركان أن أى تجميد للصراع دون ضمانات حقيقية سيؤدى إلى تأجيل الحرب لمرحلة لاحقة كما حدث بعد اتفاق مينسك عام 2016".


أما روسيا فتبدو أكثر تمسكا بمطالبها مستغلة ضعف الموقف الأوكرانى وتباين المواقف الغربية. فالتحولات السياسية فى الولايات المتحدة وأوروبا قد تكون عاملًا مساعدًا لموسكو لتثبيت مكاسبها المشهد الحالي يعكس لعبة شطرنج دولية معقدة، حيث يحاول كل طرف تحقيق أكبر قدر من المكاسب قبل الوصول إلى طاولة المفاوضات. فهل سيستطيع الغرب تعزيز أوكرانيا بشكل يجعلها قادرة على فرض شروطها؟ 

أم أن روسيا ستنجح في استغلال نقاط الضعف وتحقيق نصر استراتيجى يغير قواعد اللعبة؟.


الأيام القادمة قد تحمل إجابات لهذه التساؤلات لكن الواضح أن الحلول الدبلوماسية ستبقى رهينة معادلات الميدان وموازين القوى الدولية

تعليقات