الحلقة الثالثة : وسادة الشباب
كانت وسادة الشباب مختلفة عن غيرها، مغطاة بكثير من القصاصات المبعثرة على السرير: ملاحظات مكتوبة بخط سريع، أقلام بلا أغطية، وصفحات مفتوحة من كتب موضوعة بجانبها. بدا وكأن الوسادة شاهدة على عصر عاصف من الحياة، حيث الأحلام تزاحمها الأيام، والتعب يسرق من القلب أكثر مما تعطيه الراحة.
في تلك الليلة، ألقت "هند" جسدها على السرير بعد يوم طويل مليء بالركض بين العمل والدراسة. رأسها المثقل بالأفكار استقر على الوسادة، التي باتت تعرف هذه الثقل جيدًا. أغلقت هند عينيها وهمست:
"لا يكفي الوقت… لا يكفي أبدًا."
صمتت للحظة، ثم تابعت بصوت متعب لكنه لا يخلو من العزيمة:
"لكنني سأفعلها. سأصل إلى كل ما حلمت به، حتى لو ضحيت بكل شيء."
كانت الوسادة تشعر بدفء الأنفاس المختلطة بين الإصرار والإرهاق. لقد شهدت هذه الكلمات مئات المرات، ومع ذلك، في كل مرة كانت تعرف أنها تأتي بثقل جديد، بشعور يختلف عن الذي سبقه.
أحيانًا، كانت هند تستغرق في التفكير بدلاً من النوم. تحدق في سقف الغرفة وهمسات الأفكار تملأ الهواء. مرة كانت تفكر:
"كيف يصبحون ناجحين؟ أليسوا بشرًا مثلي؟ ربما الأمر أصعب مما أتصور…"
في إحدى الليالي، انفجرت هند بالبكاء على الوسادة. بكت بحرقة، خائفة أن يخونها العمر قبل أن تحقق أحلامها. لكن الوسادة لم تقل شيئًا، كما تفعل دائمًا، فقط امتصت دموعها واحتفظت بها، كما لو كانت شاهدةً على الكفاح الذي لن يراه العالم في وضح النهار.
ومع ذلك، لم يكن كل شيء حزنًا. كانت هناك أيضًا لحظات ضحكت فيها هند وحدها، ضحكات خفيفة لكنها مليئة بالإيمان بالمستقبل. همست ذات يوم بلهجة متفائلة:
"ربما غدًا سأصل خطوة أقرب… أليس هذا كافيًا؟ خطوة واحدة."
أيقنت الوسادة أن هند ليست وحدها. ملايين الرؤوس التي تعيش هذا العمر ألقت بنفسها على وسائد تحمل ذات الأفكار: شغف بلا حدود، قلقٌ من الفشل، وإيمان بأن الطريق الطويل لا بد أن يصل يومًا ما.
تعليقات
إرسال تعليق